رواية مالك المصري الفصل الثالث عشر 13 بقلم نسمة مالك


 رواية مالك المصري الفصل الثالث عشر 


….لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين….

كلما حاول الإنسان فهم البشر يشعر بالعجز أمام قدرة الخالق سبحانه وتعالى، التطور السريع في عالم التكنولوجيا الحديثة و ما يسمى بالذكاء الاصطناعي رغم إعجازه العلمى الغير مسبوق إلا إنه تسبب في فتح أبواب مربكة،مثيرة للريبة تخطت حدود العقل و حتى الخيال،أثبتت أن طاقات الإنسان لا حدود لها و قدراته لا تُعد خاصةً في كل ما له علاقة بالأعمال الغير آدامية !
لذا أحيانًا أرى أن السلامة في ألتزام المنازل والتعلم عن بُعد دون أى إحتكاك مع بشرخاصةً للغاليات المؤنسات..

“أهدى يا فارس..أهدى و خد نفسك عشان تقدر تستوعب أحنا داخلين على أيه جدع أنت وبطل عصبيتك اللى هضيعنا دى يا أخى” ..

نطق بها غفران و هو ينهض من فوق مقعده و يهرول مسرعًا نحوه ،كان فارس قابض على عنق مالك و يصيح بجنون و عصبيه مفرطة:

“إسراء مين اللى مش بنتى يالا ! و كاميرات أيه اللى أنت زرعتهم في أوض بناتى يا***”..

لم يستطيع غفران إبعاده عن رقبة مالك الواقف بثبات و جمود يُحسد عليه، ملامحه طبيعية لا يظهر عليها أى رد فعل رغم أن فارس يقبض على عنقه بقوة مميته..

“أنا كنت واثق إن فارس الدمنهوري مش هنعرف نقنعه بالجنان اللى هيحصل لنا ولا هنعرف نسيطر عليه بسهولة عشان كده طلبت من سيادتك نكون هنا في الغرفة المحصنة “..

قالها النسخة الثانية من مالك الجالس بأريحية على إحدى المقاعد ، دفع فارس النسخة الأولى من مالك بكل ما يملك من قوة لكنه لم يتزحزح عن مكانه إنش واحد ،و هجم على ذلك الجالس و قبض على عنقه هو الأخر:

“إسراء بنتى وأنا أبوها غصب عن الدنيا كلها ..واللى هيقول عليها غير كده هخلص عليه حتى لو الحد ده أنت يا مالك يا أبن غفران صاحب عمرى”..

قال غفران بصوتٍ عالٍ حتى يصل لسمع فارس الثائر:

“ياااا فاارس أفهم ..مالك ميقصدش اللى أنت فهمته نهائى”.

ظن فارس أن مالك يقصد أن إسراء أبنة زوجته من زوجها المتوفي ،لذلك جن جنونه كاد أن يرتكب جريمة حقاً ..

“لا أقصد كلامى وفعلاً اللى جت من السفر و وصلت عندك في البيت دى مش بنتك يا فارس باشا “..

تفوه بها مالك ببرود ثلجى لفارس الذى يقبض على عنقه بكل ما يملك من قوة مرددًا بغضب عارم ..

“الواد ده مبيمتش لييييه!!”..

دار بعينيه بين مالك و نسختيه بنظرات منذهله مكملاً بغيظ شديد جعل عروقه تبرز بخطوره..

“ابنك أنهى واحد فيهم يا غفرااان؟!”

أجابه النسخة الثالثة من مالك و هو يتناول فنجان من القهوة بتلذذ مدمدمًا:

“أنا كلهم يا فارس باشا “..

طفح كيل غفران فصاح بصوتٍ جوهرى :

“ثبت لى فارس يا مالك..نفذ الأمر حالاً يا حضرة الظابط”..

“أوامر معاليك” ..نطق بها مالك وهو يترك فنجان القهوه من يديه و تنقل بنظره بين نسختيه مردفًا بأمر:

“مالك اتنين..مالك واحد سيطروا على الباشا أبو الفوارس “..

كان فارس ترك رقبة النسخه الثانيه وهم بالقبض على رقبة الثالث ولكن نسخ مالك قاموا بمنعه من الوصول إليه على أخر لحظة..مقيدين ذراعيه منعوه من الحركة..

اتحلت الصدمة ملامح فارس من قوة قبضتهم الفولازية التى شلت حركته تمامًا..

أخيرًا تنفس غفران الصعداء و أرتمى على أقرب مقعد و هو يقول بصوتٍ لاهث: “فرهدنى يا فارس الله يهديك يا أخى”..

“أيه اللى مسكنى دول يا غفران؟!”..نطق بها فارس ،و صمت لبرهةً..

و بهتت ملامحه وشعر بالدنيا تومض من حوله حين بدأ يدرك بفتنته الأمر برميته و نطق بصعوبة وهو يتنقل بعينيه الجاحظه بين مالك و غفران قائلاً:

“دول روبوتات ؟! يعنى أنتو عايزين تفهمونى إن اللى جت من السفر انهارده مش بنتى إسراء..وبنتى مرجعتش و اللى رجعت دى روبوت نسختها!!!”

ظهر الخوف على قسمات غفران من هيئة فارس الذى أصبح بحالة يرثي لها فهب واقفاً و أقترب منه بلهفة ربط على كتفه و هو يقول:

“فارس إحنا لسه متأكدناش وعشان كده مالك زرع الكاميرات في القصر عندك “..

أقترب مالك منه وقف أمامه مباشرةً مردفًا بأسف: “مش إسراء”..

أنهى جملته و رفع هاتفه أمام أعينهم بعدما قام بتشغيله..ليظهر لهم إسراء و هى تركض على حمام غرفتها و تغلق الباب بوجهه والدتها ،سارت نحو أحدى الجدران و و قفت بجواره بثبات تام و فجأة تحولت أحدى أصابعها إلى وصلة كهربائية وقامت بوضعتها داخل المقبس الكهربائي فأضات عينيها بأضاءه حمراء و صدر منها صوت يختلف تماما عن صوت إسراء الحقيقي جعل والدتها تفقد وعيها من شدة فزعها..مرت دقائق قليلة و أبتعدت بيدها عن المقبس و عادت لطبيعتها و هرولت لخارج الحمام، و قامت بحمل زوجة فارس الملقاه أرضًا بيد واحده بمنتهى الخفة و ركضت بها على الفراش وضعتها بحذر و أستلقت بجوارها متظاهرة بالنوم..

سقط فارس على ركبتيه من هول ما رأى بعدما فقد القدرة على الوقوف..فقدميه لم تعد تحمله من شدة صدمته و فزع قلبه..

جلس بجواره مالك و تحدث بنبرة راجية قائلا:

ممكن تسيطر على غضبك و أنفعالك عشان نتكلم و نتفق هنعمل أيه بالظبط في اللى داخلين عليه..أنا حاسس بيك و عارف أنت بافكر في أيه دلوقتي و يمكن أنا أكتر منك كمان وعقلي و قلبي ضايعين منى يا فارس “..

فارس!! أين فارس؟ أصبح بعالم أخر ،يهذى يجملة واحدة يرددها مراراً وتكراراً بلا توقف:

“أنا اللى ضيعتها بأيدى..أنا اللى شجعتها على السفر..هقول لمراتى أيه! ضيعت بنتنا”..

هبط غفران هو الأخر أرضًا بجوارهم مردفًا بلهجة حادة قائلاً:فوق يا فارس و أجمد عشان نرجع بنتنا..

قال مالك بصوتٍ يملؤه الحسرة:

“بنتنا مضعتش يا فارس ..ولاد ال*** طمعوا في بنتنا بعلمها وأبحاثها اللى عملتها ..أعتبروها كنز كبير و مش هيفرطوا فيها بسهوله  “..

توحشت نظرة عنينه و ضوت ببريق نارى من شدة غضبه مكملاً بنبرة لا تحمل الجدال وهو يُشير على نفسه:

“بس العبد لله هياخدها منهم و هرجع لك بيها يا فارس  “..

أظلمت ملامحه و تابع بابتسامة مخيفة:

“ميعرفوش إسراء تبقي مرات مين ولا بنت مين”..

أستعاد فارس رابطة جأشه و أنتصب واقفا بين غفران و مالك،

نظروا الثلاثة لبعضهم البعض و من ثم توجهوا بنظرهم للنسختين من مالك الواقفين بجوارهم و تفوهوا في آنٍ واحد :

“هنلاعبهم بنفس أسلوبهم بس بطريقتنا المصرية”..

تعليقات