رواية مالك المصري الفصل الرابع عشر 14 بقلم نسمة مالك


 رواية مالك المصري الفصل الرابع عشر 


…اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً كثيراًإلى يوم الدين…

خيم الليل بستائره السوداء على دولتنا الحبيبة،بينما سطعت شمس يوم نهار جديد على دولة أخرى ،

بمكان بعيد كل البعد عن مناطق السكان الحيوية،مكان لا يمكن الوصول إليه بالوسائل المتاحة ،مكان لن و لم يستطيع أى كائن حى الإقتراب من أسواره شاهقة الطول ، حتى لو كان يبتعد عنه مئات الكيلومترات،

محاط بقوة من الدعم من دول مختلفة على هيئة جيش كامل متكامل الأركان، مجهز بجميع المعدات الثقيلة من سيارات دفع و كل ما يخص الأسـ,ـلحة و الدبـ,ـابات،

طائرات حـ,ـربية و مدنية وحتى الصواريخ الجوية، كل هذا لأجل حماية من بداخل تلك الأسوار،
يمتلكون أثمن الكنوز على مستوى العالم أجمع ،

كنوز بشرية من أفضل و أمهر العلماء في جميع المجالات المختلفة ،

على رأسهم الطبيبة المصرية “إسراء الدمنهورى”..

داخل مبنى عملاق خاص بها وحدها فقط ،

بالطابق الخاص بمعمل تجاربها العلمية ، صدح صوت إنذار يخبرهم بقدوم طبيبتهم الماهرة، المتميزة بمواعيدها المنضبطة، نهضوا جميع مساعديها وقفوا على قدم وساق في أستقبالها..
فُتحت أبواب المعمل المصفـ,ـحة واحد تلو الأخر أندفع منهم عدد مهول من الروبوتات المخصصة لحمايتها جميعهم على شكل إناث بناء على طلب منها،

و من ثم ظهرت هى بطلتها المُهيبة و هيئتها الجميلة بثيابها الطبية التى تُدخل على القلب السرور ..

وقفت محلها للحظات تدور بعينيها في المكان بملامح خاوية ،و نظرات جامدة ،ليست مكتئبة لقد غادرت من الأكتئاب منذ زمن هى الآن منطفئة في مرحلة اللاشعور
لا فرح ولا حزن..

“و ها هى أستيقظت طبيبتنا الغالية إذاً ستحصل دولتنا على تقدم جديد اليوم”..
أتى هذا الصوت من خلفها فلم تلتفت و تابعت سيرها نحو مكتبها الخاص و هى تقول بنبرة ساخرة:
“و يا ترى أنت من أنهى دولة بالظبط يا يوسف؟! “..
رمقته بنظرة لو كانت سهم لقـ,ـتلته في الحال مكملة:
“و قولت لك مرة قبل كده بما إن مافيش عرب غيرنا هنا متتكلمش معايا غير عربى “..
قهقه بصوته عالياً مدمدمًا: “اممم محدش يُجرء يتكلم معايا كده غيرك أنتى و دى حاجة اسبشيال ليكى لوحدك وطبعاً لازم تفتخرى بيها”..
ابتسمت ابتسامة إستـ,ـهزاء وهى تقول:”أفتخر بأية يا يوسف! أفتخر إني بتعامل مع واحد من المـ,ـافيا و خـ,ـاين كمان لبلده!!”..

“لا عندك يا دكتور أنا عمرى ما خـ,ـونت بلدى”..تفوه بها وهو يقترب منها ببطء حتى توقف أمامها مباشرةً مكملاً أثناء وضع يديه بجيب معطفه الجلدى بهنجعية:”ولا من المافيا ..أنا المافيا نفسها”..

انبلجت منها شبه ابتسامة حانية حين ذكرها أسلوبه و طريقته في الحديث و كم الغرور الذى يملكه بوالدها الحبيب ،شردت بذهنها لثوانٍ لتنتبه على صوته وهو يقول :”فكرتك بفارس الدمنهورى..شخصيته قريبه منى مش كده؟”..
غمز لها و تابع بمكر:”ولا فكرتك بمالك المصرى حبيب القلب”..

“و مين قالك إنى نسيتهم عشان أنت تفكرنى بيهم!”..
أخذت نفس عميق و زفـ,ـرته على مهل مكملة بيقين تام:

” بابى و مالك هيوصوا لى و هياخدونى من هنا و هرجع بلدى و أنت و اللى معاك الأحسن لكم تتمنوا المـ,ـوت قبل ما فارس و مالك يحطوا إيديهم عليكم..و عليك أنت بالذات يا يوسف”..

“بغض النظر عن أسم يوسف اللى عماله تنادى لى بيه عادى كده ..اللى لو حد تانى غيرك بينادى عليا بأسم غير الأخطبوط كان هيبقي مقتول و من الأموات حالاً”..

عقد ذراعيه أمام صدره مكملاً بلامبالاه قائلاً:”شوفي يا إسراء هو أنا بصراحة مش عارف أتخيل هما ممكن يعملوا أيه ..لأنى مخلفتش و لا عايز أخلف ف معرفش الأب ممكن يعمل أيه لو بنته اتخطفت ، و لا حبيت في حياتى قبل كده و عشـ,ـقت واحدة بجنون زى مالك بتاعك اللى مش ساكت و لا مبطل تدوير ورانا و معندوش مانع يتقـ,ـتل في سبيل أنه يوصلك ..وعشان كده صممنا له هدية وبعتناها له مصر عشان تخرسه للأبد..و فارس أعتقد حتى لو عرف مش هيغامر بحياته وحياة مراته و بناته الخمسة و أبنه الوحيد عشان بنت مش من دـ,ـمه! فأنتى كده مبقاش ليكى غيرنا يا دكتور”..

أخر جملة نطق بها هبطت على قلبها كالخنجر الحاد طعنها بقسوة ،زينت القوة ملامحها مغمغمة بثقة:”أنت متعرفش مالك كويس ولا تعرف هو ممكن يعمل أيه وبالذات عشانى ..هو و بابى مش هيسبونى حتى لو مت هنا هيرجعوا جـ,ـثتى تدفـ,ـن في بلدى و هتشوف يا هه يوسف “..

رمقها نظرة مطولة بصمت، و من ثم سار من أمامها قاصداً باب الخروج المصفح وهو يقول:” ليكى بنت عم إسمها فاطمة تقريباً مش كده؟”..

سقط قلب إسراءارضاً حين وصلت جملته هذه لأذنها ،و أردفت بقلق جم:”وأنت بتسأل على فاطمة ليه؟! “..

أبتسم لها إبتسامة دبت الرعب بأوصالها مغمغمًا :

“هى اللى بتسأل على الأخطبوط”..

…..أذكروا الله…………….
داخل غرفه صغيرة مظلمة لا يصل إليها نور الشمس، دائماً رطبة حتى أثناء الحر الشديد تظل هي باردة،

لا يوجد بها أثاث نهائي، لا تصلح للحياة الآدمية، بها نافذة صغيرة بقضبان من الحديد تطل على مكان أكثر ظـ,ـلمة، ذات رائحة كـ,ـريهة..

بابها أيضًا من الحديد المتين لا يظهر من بالخارج.. تجلس بداخلها “فاطمة” أبنة عم “إسراء “التي تمتلك جمال ربما يكون نادر بأعين بعض البشر..

ملامحها المصرية الجذابة.. عيناها السوداء الواسعة ذات رموش كثيفة.. بشرتها الخمرية.. أنفها الصغير المنمق.. شفتاها المكتنزة المذمومة..

هي من يلقبوها ب “الفاتنة” وبعدما استطاعت للوصول لبداية حلمها بعدما عصت والدتها و أصرت على قرارها و ركضت وراء حلم النجومية العالمية.. فاجأتها الرياح بعاصفة ألقتها داخل سجن إحدى الدول الغربية..

أطبقت جفنيها بقوة تكبح عبراتها التي تهـ,ـدد بالهبوط.. تكاد تجن من شدة صدمتها.. عقلها غير قادر على استيعاب ما يحدث لها..
بين ليلة وضحاها سقطت من سابع سماء إلى سابع أرض،ينهش الندم روحها كلما تردد صوت والدتها و محايلتها لها حتي تظل معاها و لا تتركها و تسافر،
استمعت لصوت خطوات تقترب منها، وصوت الباب يفتح صدر عنه صوت صرير مزعج للغاية.. فأسرعت بوضع كلتا يدها على أذنها..

خَطا أحد الجنود مرتديًا الزي العسكري، وتحدث بأمر قائلاً..
“هيا أيتها الفاتنة المصرية.. سيتم تنفيذ حكم الإعدام عليكِ الآن”..

ابتسم بتهكم وهو يرمقها بنظرات إعجاب، وتابع بأسف..
” لا تستحقين المـ,ـوت هكذا.. أوقفي عنادك، وأفعلي ما طلبوه منكِ”..

استعادت قوتها، وهبت واقفة برأس مرفوع بشموخ، ونظرت له نظرة تظهر مدى شجاعتها، وقوتها وتحدثت بفخر قائلة..
“المـ,ـوت بالنسبة لِي أهون عندي مما تريدون مني.. فإذا كان هو ملجئ الوحيد.. فمرحب بالمـ,ـوت الشريف، وسحقاً لحياة بلا شرف”..

صمتت لبرهة، وتابعت بحدة قائلة..
“ولكن قبل أن تقتـ,ـلوني ظلماً. . هل أخبرت سيدك أنني أريد مقابلة ذلك الرجل الملقب بالأخطبوط؟”..

“الرجل الملقب بماذا؟!”..

كان هذا صوت يوسف الذى دلف لداخل الزنزانة خلفه حرسه الخاص ،انتفض العساكر من حولها و تراجعوا للخلف مهرولين مفسحين المجال لمروره و الوصول إلى فاطمة حتى وقف أمامها ومال بوجهه على وجهها يتأمل ملامحها بانبهار نجح في إخفاءه مكملا:

“مرحباً بكِ..أيتها المصرية الفاتنة في قبضة الأخطبوط “..

تعليقات