رواية حبل الوريد الفصل العشرون 20 بقلم ياسمين عادل

 

 رواية حبل الوريد الفصل العشرون بقلم ياسمين عادل


         _ جحظت عيناها وهي مازالت مسلطة أبصارها عليه.. في حين كان يبادلها هو نظرات الظفر والإنتصار .. 
نظر نظرة شمولية للمكان قبيل أن يردد ساخرًا : 

- مبقاش قدامك غير ٣ حلول بس ، ياأما هتوافقي تشاركيني وانا اللي هحط الشروط .. ياأما ترجعيلي الأرض وساعتها هدفعلك ضعف تمنها ، ياأما تلغي المشروع بتاعك خالص وتخلي الأرض دي تذكار ليكي
كارمن وقد تأججت نيران الغيظ بصدرها : دي مش أخر جولة
ريان وقد تنغض جبينه بسخط : أنا نفسي طويل ومعاكي للآخـــر ، وبكرة نشوف مين اللي هيسلم الأول 
كارمن بثبات مزيف : ده بعينك

      _ ألتفتت للمحامي الخاص بها ، حدجتهُ بقسوة قبل أن تهتف بنبرة منزعجة :

- بيشتغل معايا شوية أغبية 

   _ تجاوزتهم وسارت نحو سيارتها ، سبقها الحارس الخاص راكضًا ليفتح لها باب السيارة .. حيث أخذت محلها بالخلف بجوار شقيقها ، ومن خلفها المهندسون والمحامون .. سار الجميع بعيدًا ، تاركين خلفهم هاله من الغبار والأتربة تكونت على أثر الحركة السريعة . 
_ بينما وقف ريان يتأمل المكان ، ضاعت لذة الأنتصار من ملامحه وتحول وجهه للجمود .. يعلم جيدًا إنها ستوافق على مشاركتهُ ولن تُضيع فرصة إنشاء هذا المشروع المربح ، وحينها سيكون هو المتحكم الأساسي .. ليُذيقها من كأس اللوعة كما تجرعهُ هو . 

      _أحس كريم بهذه السخونة المنبعثة من شقيقتهُ على أثر حقدها وغضبها .. فـ فضل الصمت ، ولكنها قطعت الصمت عندما غمغمت بصوت ألتقطتهُ أذنيه :

- عشان كده عمل إجتماع طارئ أمبارح ومن غير إعلان سابق! 
كريم وقد تقوست شفتيه بإستنكار : إنتي بتراقبيه ؟ 
كارمن وهي تفرك أصابع كفيها سويًا : آه
كريم وهو يطلق تنهيدة معترضة : وليه شغل المطاردة ده ! 

    _ صمتت ولم تجيبهُ .. فأستشف سريعًا رغبتها الجامحة في الفوز عليه مهما كانت النتائج ، 
أسند رأسه للخلف ثم قال ممتعضًا :

- مش عارف أخرتها إيه ! وهتخسري إيه في الآخر ؟ 
كارمن وهي تبتسم بسخرية من زاوية فمها : هو انا لسه هخسر ، أنا خسرت خلاص .. انا زي المدبوحة دلوقتي ، وبطلع في الروح

................................................................... 

     _كان يجوب حجرة مكتبهُ ذهابًا وإيابًا .. منتظرًا حضور أحدهم ، يكاد عقلهُ ينفجر من شدة التفكير .. 
زرع أصابعهُ بين خصلات شعرهُ ليحك فروة رأسه ، جال بخاطرهُ إنتقامًا عنيفًا سيفتعلهُ جراء من حاول قتلهُ في هذه الليلة .. وفجأة ، أستمع لصوت قرعات على الباب ، فسمح بالدخول بعجالة .. تقدم منهُ فرد الأمن الخاص بشركتهُ وقدم له ملفًا وهو يردد :

- ده التقرير اللي حضرتك طلبتهُ من التوكيل 

     _ سحب منه المستند سريعًا وقلب في ورقاتهُ بتوتر ، حتى أكتشف هذه المصيبة .. لقد كانت سيارتهُ منزوعة الفرامل بالفعل ، وهذا ما أدى للقيام بالحادث .. قبض على أصابعهُ بداخل قبضتهُ ، ثم هتف من بين أسنانهُ :

- يعني حد لعب في عربيتي ! 
فرد الأمن : صح يافندم 
- أمشي انت

    _ أنصرف فرد الأمن وبقى هو منفردًا .. عصر ذهنهُ ليتذكر تفاصيل هذه الليلة المشؤمة ، والتي تغير فيها كل شئ ، بين عشيةً وضحاها .. حك جبهته بعنف حتى تركت أصابعهُ آثار حمراء ، ثم تمتم بخفوت : 

- أنا مسيبتش عربيتي في حتة ! 
دخلت القصر خدت شاور وغيرت هدومي وخدت الورق وخرجت تاني ! 

    _ عض على شفتهُ السفلى بحنق وتابع :

- يعني المسافة اللي دخلت فيها للقصر هي دي المسافة اللي أتلعب في عربيتي فيها ! 

    _ أضاء عقلهُ بشئ ما ، فـ ارتفع حاجبيه وهو يقول :

- يعني اللي عملها حد من اللي شغالين في القصر ! معقولة ؟ 

    _ أنتفض من مكانهُ بإنفعال وهو ينطق متوعدًا : دي ليلة أبوهم سودا كلهم ! 

     _ غادر مبنى الشركة وهو يعلم وجهتهُ جيدًا ، القصر .. 
هناك سيجد من دبر له الحادث .. وربما يكون ذا علاقة وثيقة بحادث جلال أيضًا .. سيبحث في الأمر بكل طاقتهُ ، ليس فقط من أجل إظهار الفاعل .. 
بل إنه يريد تعذيبها أيضًا، يرغب أن يجعلها تعايش آلام تأنيب الضمير عقب أتهامها الباطل له .. 
هذا هو العقاب الأنسب لها . 

     _ مدة نصف ساعة ، وكان بداخل محيط القصر .. 
وأول ما افتعله إنه صعد لهذه الحجرة التي اختارها لنفسهُ وطبع فيها كل ذكرياتهُ .. 
حاول قدر الإمكان أن لا يترك عقله ينشغل بطيفها الذي ظهر أمامه في هذا الوقت .. 
توجه نحو الخزانة الصغيرة وبدأ في إدخال الرقم السري حتى فُتحت ، ثم بدأ في تشغيل جهاز الحاسوب الصغير وتوصيل بعض الأسلاك الكهربية بالجهاز .. 
كان يبحث عن تسجيلات الكاميرا الخارجية للقصر في هذا اليوم تحديدًا .. فقد أخذ حطاطه عقب محاولة قتلهُ الفاشلة وقام بزرع كاميرات مراقبة خارج القصر وداخل محيط الحديقة والجراچ .. 
أستغرق الأمر منهُ وقتًا طويلًا ، فقد كان هذا اليوم منذ ثلاثة أشهر وأكثر .. ولكنه لم يكل ولم يمل حتى وجدهُ ، دقق تركيزه وهو يشاهد هذا التسجيل .. 
حتى وجد الفاعل ، أو الوسيط الذي أستخدمهُ الفاعل الأصلي .. وكان السائق الخاص بوالدهُ ، حيث سمح بدخول أحدهم للقصر وقادهُ نحو الجراچ ليتمم هذه الفعله بسيارة ريان .. 
أحتقنت عيناه وأحمر وجهه ، حتى طرف أنفهُ مُحمرة أيضًا .. ضغط على زر إغلاق الحاسوب ثم نهض بتشنج عن المقعد الصغير .. أغلق الخزانة وتمم على كل شئ قبل مغادرة الحجرة ، ومن ثم أنطلق بخطوات سريعة نحو الأسفل .. 
صاح بصوتهُ عاليًا وهو يقول :

- عــــــلية ، ياعلية

    _ لم تحضر الخادمة '' علية '' على الفور .. فهتف مناديًا عليها مرة أخرى .. ليجدها تهرول نحوه وهي تخرج عن الردهة المؤدية للمطبخ ، وقفت بإرتجاف وهو تنطق بصعوبة :

- أمرك ياريان بيه ! 
ريان : حامد السواق ساب الشغل أمتى ! 
علية وهي تضغط على تفكيرها لتتذكر : آآ ... مش فاكرة يابيه أ.... 

     _ لاحظ ريان إرتجافة أصابعها وخوفها الشديد منه والذي ظهر على معالم وجهها .. فـ عنف حاله على معاملته القاسية مع تلك الضعيفة التي لا دخل لها بالأمر .. وجاهد ليكون هادئًا وهو يعاود الحديث بصوت منخفض :

- من فضلك تحاولي تفتكري ، هو ساب الشغل أمتى ، وليه سابهُ ؟ 
علية وهي ترمش بعينيها عدة مرات : آ ... البيه الكبير قفشهُ وهو بيبلبع مخدرات ، قصدي برشام يعني
ريان متابعًا بهدوء : تمام ، طردهُ أمتى بقى ! 
علية وهي تفرك أصابعها بإرتباك : بعد ما سيادتك يعني آ .. 
ريان متابعِا نيابة عنها : بعد ما أتقبض عليا ؟ 
علية وهي تومئ رأسها بالإيجاب : آه

   _ أولاها ظهرهُ وهو يحاول كبح موجة غضبهُ التي كادت تطالها .. ثم تسائل :

- فين تاج وعمتي ؟ 
علية : راحو النادي من الصبح 
ريان : روحي انتي 

        _ كيف سيصل لهذا اللعين الذي شارك في محاولة قتلهُ؟ هذا هو السؤال الذي سيطر على عقلهُ .. 
من المؤكد وجود عنوان له لدى والده ، أو الرقم القومي لبطاقتهُ على الأقل .. 
وياترى من الفاعل الأصلي ؟ 

................................................................... 

         _ شاركها قُصي ضيقها .. ولكن ضيقهُ تضاعف عنها ،
لا يعلم ماهية نواياها نحو الأمر ، وما الذي ستفعلهُ .. وأي قرار ستتخذ! 
كل ما يخشاه هو أن توافق على عرضهُ بالمشاركة في هذا المشروع ، وإذا تم ذلك ستدوم المعاملات بينهم گشركاء لفترات طويلة .. 
وإذا تحقق الأمر وعادت خيوط الوصال بينهم ، ماذا سيفعل حينها ؟ لقد نبض قلبه من جديد عندما وافقت على الزواج منه .. وإذا عادت في ذلك لن يكون منه سوى قتل هذا الـ ريان .. 
تنهد بسئم ثم قال بإعتراض :

- ده مش أخر مشروع ياكارمن ، ممكن نعمل مشاريع تاني كتير غيرهُ .. وخلي الأرض معاكي ، حتى هو مش هيعرف يعمل حاجة بحتة الأرض الصغيرة اللي اشتراها
كارمن وهي تعض على شفتيها بحنق : أنا عايزة المشروع ده بالذات ياريان

      _ أظلمت ملامحهُ وأنعقد ما بين حاجبيه عقب أن نادتهُ بأسم '' ريان '' .. وبصوت أجش قال : 

- أنا أسمي قُصي زهران ، مش ريان ! 
كارمن وقد اعتراها الإرتباك : آ... Sorry 

      _ تغيرت ملامحها ، وتحولت لأخرى مختنقة ، بينما لم يمهلها الفرصة للتفكير بشئ سواه .. فنطق بـ ... 

- أنا كل ده مستنيكي تحددي معاد للفرح ، كفاية تأجيل ياكارمن
كارمن وهي تبتلع ريقها بصعوبة : فرح ! أنا مش هعمل فرح 
قُصي بإستفهام : يعني ! 
كارمن وهي تذم على شفتيها بإمتعاض : يعني مش هنعمل فرح 
قُصي وهو يهز رأسه بالموافقة : أنا موافق
كارمن وقد أتسعت عينيها بإستغراب : موافق ! 
قُصي وهو يباغتها بإلتقاط كفها ليحتضنهُ بكفيهِ :أنا موافق على أي حاجة طالما جمبك ، أنتي متعرفيش مدى سعادتي لمجرد إنك هتكوني مراتي 

     _ نهض عن المقعد ، وجلس على وضع القرفصاء أمامها ، قبّل كفها مرارًا ، ثم نظر حيالها بعشق وهو يقول :

- أنا بـحـبـك
كارمن وهي تخفض بصرها عنه : مش هقدر أبادلك الحب ده ، قلبي مبقاش قلب
- أنا مش عايز غيرك معايا ، وجودك جمبي بالدنيا 
كارمن : هييجي يوم وتتعب ! 
قُصي وهو يهز رأسه نافيًا : تعبي معاكي أحلى راحة
كارمن وهي تطلق تنهيدة مختنقة : أنت بتصعبها عليا ! 
قُصي وهو يُغرق كفها تقبيلًا : بالعكس ، أنا كل حلمي أكون جزء في حياتك ، سيبيلي الفرصة دي
كارمن وهي تهز رأسها بغير أرادة : حاضر
قُصي وقد أبتهج داخلهُ : متشغليش بالك بحاجة ، أنا اللي هجهز كل حاجة .. صدقيني هتتبسطي
كارمن : ................... 

.................................................................. 

      _ أسرع قُصي بالتطبيق على الفور .. حتى لا تتسرب الفرصة من بين يديه ، فقام بتسريب الخبر للصحف والمجلات الشهيرة .. على أن يتم الزواج في آخر هذا الشهر الميلادي الشتوي ، وأذاع حديثًا غير حقيقيًا عن قصة طويلة تجمعهُ مع إبنة جلال الدغيدي شريكهُ السابق .. 
برر عدم تجهيز إحتفال بأنه حدادًا على والد العروس الراحل ، وإنها اكتفت فقط بعقد قران عائلي وسط أصدقائها وبعض من الأقارب والمقربين .. 
لم يكن الأمر صدمة بالنسبة له '' كريم '' ، فقد علم مبكرًا بقرار شقيقته ، ولكنها كانت فاجعة لها '' تاج '' والتي لم تفكر سوى بحال شقيقها إذا ما عرف بالأمر .. 
ألقت الصحيفة بطول ذراعها على الطاولة الخشبية ثم راحت تقول بإنفعال :

- مكنتش اعرف إن أختك عنيدة بالشكل ده أبدًا
كريم : ...... 
تاج وقد ضاقت عينيها بفضول : كريم ، إنت كنت عارف ! 
كريم وهو يتنهد بيأس : أه
يسرا وهو تعض على شفتيها بضيق : يعني خلاص كدا ! مفيش فايدة
كريم وقد تلوى شدقيه بسخرية : لو عايزة تجربي حظك مع صحبتك جربي يايسرا

    _ نظر لساعته ، ثم استعد للنهوض وهو يردد :

- أنا لازم امشي قبل ما ريان يوصل ، لما اخوكي ييجي ياخدك ياتاج طمنيني
تاج وهي تهز رأسها بالإيجاب : ماشي ياكريم

   _ ألتقط كريم هذه الصحيفة وطواها عدة مرات ، ثم تحرك لـ يغادر النادي .. 
ذهب للقصر متأملًا رؤيتها مستيقظة ، وكانت المفاجأة إنها تجلس على مائدة الطعام لأول مرة منذ وفاة '' جلال '' 
كانت تتناول لقيمات صغيرة للغاية .. بينمت كانت لطيفة تحسها على التناول جيدًا لإستعادة صحتها الجسدية .. 
اقترب كريم من المقعد المقابل لها وأشار للمربية كي تنصرف .. ثم أسترسل في حديثه قائلًا :

- عاملة إيه النهاردة ! 
كارمن وهي تبرز إبتسامة كاذبة : كويسة ، أنت فين من امبارح ؟ 
كريم : رجعت متأخر محبتش أزعجك

    _ أخرج هذه الصحيفة ومد يده لها بها ، ثم هتف بإعتراض :
- عارف إنك مش متابعة جرايد ، بس متهيألي في خبر يهمك في جرنال إنهاردة

    _ ألتقطت منه الصحيفة وفتحتها لتجد صورة كبيرة لها في صفحة المشاهير والفنانين .. أنعقد ما بين حاجبيها وهي تستقيم في جلستها ، وراحت تقرأ المقالة المكتوبة بعناية .. 
ظهر سخطها على فعلته ، فنطقت من بين أسنانها :

- قُصـــي ! 
كريم مستنتجًا :واضح إنه عمل كدا من وراكي
كارمن وهي تترك الصحيفة لتسقط أرضًا : فعلًا ، بس عادي طالما الخبر صح
كريم : ده أخر قرار ليكي ؟ 
كارمن وقد ساورها شعور بالقلق : كريم ، إنت ممكن يوم متكونش جمبي ؟ 
كريم بلهجة قاطعة : مستحيل ، لحد موتي هكون في ضهرك
كارمن وهي تبتسم رغمًا عنها : يبقى انا مطمنة ، هعمل زي الطفلة الصغيرة اللي بتغلط وهي عارفة إن باباها هيلحقها ومش هيسيبها تقع
كريم : مش معنى كدا توقعي نفسك ! 

    _ أرادت تغيير مجرى الحديث ، فألتقطت بشوكتها قطعة من اللحم المشوي والممزوج بصوص مميز وقربتها من فمهِ ليتناولها .. ثم همست بنبرة مذبذبة : 

- أنا قررت حاجة كمان
كريم : ...... 
كارمن وهي تسحب شهيقًا عميقًا لصدرها : أنا هوافق على مشاركة ... ر.. ريان ، في المشروع 

     _ سعل كريم بقوة ، وراح يطرد الطعام الذي توقف بحلقهُ على أثر ما باغته به .. ثم تنفس الصعداء عقب أن ألتقط أنفاسه أخيرًا وهو يهمس بصوت متحشرج :

- بتقــ.. ـولي إيــ... ـه ! 

.................................................................

       _ كان يجلس بسيارتهُ في أحد الشوارع النائية .. مشغلًا أغاني أجنبية صاخبة ، وناظرًا بعيون لامعة لهذا الخبر الذى وقع على رأسه اليوم .. 
نظر لصورتها ومن جانبها صورتهُ ، فأبتسم بسخرية وهو يردد بإستهزاء :

- لايقين على بعض ماشاءالله ! 

      _ منع نفسه من الإنهيار ، وحافظ على بقائهُ قويًا گالحجر الصلد .. كور هذه الصحيفة ببرود شديد ثم ألقاها من نافذة سيارته ، وبدأ بتشغيلها لينطلق قائدًا إياها نحو المجهول .. 
منعهُ التفكير من متابعة الطريق جيدًا .. 
ولكنه عندما انتبه إنه متوجهًا نحو قصره ، أستدار ليبتعد ويذهب لمكان آخر .. 
وأخيرًا حدد وجهتهُ ، أنتقل لأحد أشهر الملاهي الليلية .. وجد العاهرات يخرجن من الملهى مصطحبين الرجال وهم يترنحون في الهواء .. تفوح منهم رائحة الخمر والفحش .. 
حدث نفسه كثيرًا ليبتعد عن هذا المكان البغيض، فـ لا يليق به التواجد وسط تلك الأجواء الماجنة .. ولكنه أصر على الدخول .. 
صف سيارتهُ وراح يتقدم نحو الداخل ، لتصطدم به فتاة خليعة .. أبرزت مفاتنها بصورة مقززة ، وعندما صدمها ضحكت ضحكة رقيعة وهي تلوك العلكة بين أسنانها ثم هتفت بميوعة : 

- لامؤاخذة ياباشا
ريان وهو يبتعد ببصره عنها : آآ ... ولا يهمك
الفتاة وهي تتأملهُ جيدًا من أعلى لأسفل : شكلك جديد على المكان

   _ أستندت بذراعيها على صدره وهي تهتف :

- هي أول مرة ولا إيه !؟ 

  _ حاول أن يصرفها عنه ، فدفعها بخفة وهو يردد بحزم :

- أبعدي من فضلك
الفتاة وقد أثارها أحترامه الشديد : من فضلك ؟ الله ، جديد الصنف ده عليا

     _ رائحة الكحول المنبعثة منها جعلته يشمئز من حاله ، فدفعها بعنف لترتد للخلف ، ثم صاح فيها :

- ما قولتلك أبعدي

    _ تجاوزها ليدلف للداخل .. لم يهتم بهذه الأجواء السيئة ، وإنما انتقل نحو الـ ( البار ) ليشرب خمرًا عله ينسى .. 
جلس على المقعد وأشار لأحدهم وهو يقول.... 

- عايز كاس
- أؤمر يافندم ، وسكي ولا شامبانيا ولا ڨو......
ريان مقاطعًا له بصرامة : هات أقوى حاجة عندك 
- أوامرك ياسعات البية

    _ تأملتهُ الفتاة من بعيد ، لاحظت ظهرهُ المشدود من خلف سترتهُ السوداء ، وأثار غريزتها نحوه دون أن يشعر .. فأشارت لأحدى رفيقاتها لتقترب منها ، ثم غمغمت لها :

- شايفة المز اللي قاعد هناك ده ، أبو بدلة سودا ؟ 
الفتاة وقد أنتبهت لذقنه الجذابة : اللي مربي دقنه ؟ 
- آه ! أنا عايزاه ، والليلة
الفتاة وهي تغمز لها بالموافقة : بس كدا ؟ أعتبريه على سريرك من دلوقتي

     _ نظر ريان لهذا الكأس المملوء بين يديه .. أشتم رائحته بنفور ، وأخيرًا قرر تذوق طعم مرارتهُ ، فلن يكون گالعلقم الذي تذوقهُ في بعادها .. قربهُ من فمه ليتجرع أول رشفة منه و.................................... 

تعليقات