رواية حبل الوريد الفصل الرابع العشرون بقلم ياسمين عادل
_ ورغم إدعائها الثبات وإخفاء رجفتها منهُ ببراعة.. إلا إنها شعرت بالندم الشديد على فعلتها المتسرعة والحمقاء تلك..
رمقها بنظرات مشتعلة ، وابتعد للخلف وهو عالقًا بأنظاره القاتلة عليها .. حتى خطر على ذهنهُ تأديبها في الحال،
أستدار بجسده فوجد كل من المهندسين ورجال حراستها يقفون لمشاهدة ما يحدث .. فغلى رأسه أكثر ،
أنتقل نحوهم مندفعًا وسحب هذه اللوحات الهندسية ومزقها أربًا أربًا وهو يهتف :
- مفيش مشروع ، أنا مش موافق على مشروعك ..
والمشروع اللي انا عايزهُ هو اللي هيتم ورأيك ده آخر حاجة هاخد بيها
كارمن وقد فغرت فاهها بذهول : هــه !
ريان بلهجة متوعدة : أنا هعرف أزاي أوريكي
_ نثر بقايا اللوحات في الهواء ، ثم أنطلق مسرعًا نحو سيارتهُ .. ومازال صدرهُ محترقًا على أثر إهانتها له ، بينما أطرقت هي رأسها بندم حقيقي .. عضت على شفتيها بحرج وهي تستعيد المشهد في ذاكرتها ، فتنهدت بسئم وهي تردد بصوت خفيض :
- إيه بس اللي انا هببتهُ ده ! أنا مكنتش أقصد وهو اللي زودها معايا !
_ تأففت بضجر ثم تابعت :
- وبعدين مش هو اللي عايز المصنع ! أنا ذنبي إيه .. أوف ؟
_ نظر إليها المهندس المسؤول عن تصميم المشروع بنظرات شزرة ، ثم تسائل بتهكم :
- وبعدين ياآنسة كارمن !
كارمن وهي تتحاشى النظر إليهم : هنتكلم بعدين يابشمهندس .. لازم امشي حالًا
_ تركتهم وتوجهت نحو سيارتها ، منعت هؤلاء الضخام من مرافقتها .. واستقلت سيارتها بمفردها لتتجه بها نحو القصر، وطوال الطريق وهي توبخ حالها على ما فعلتهُ .. فقد تحمل من سخافتها الكثير ولن يطيق بعد اليوم ..
صفت سيارتها أمام مدخل القصر وشرعت بالدخول ، لتجد المربية خاصتها تنتظرها .. وكأنها ارتاحت حين ذاك و :
- دادة ! أنا محتاجة أتكلم معاكي
لطيفة وهي تمسح على وجهها بحنو : أنا معاكي يابنتي ، بس تعالي ارتاحي فوق الأول
_ أصطحبتها للأعلى ، حيث ساعدتها على تبديل ثيابها أولًا ثم بدأت تستمع إليها..
كانت لطيفة أحد المصادر الموثوقة لها ، والتي دللتها كثيرًا منذ أن كانت صغيرة وبعد وفاة والدتها الجميلة ..
مددت كارمن جسدها على الفراش وأستندت برأسها على فخذ '' لطيفة '' وراحت تحكي لها ما حدث اليوم ..
فـ عنفتها و :
- كده زيادة أوي ياكارمن ! عمرك ما كنتي غبية على حد يابنتي !
كارمن وقد بدأت الدموع تتجمع في عينيها گطفل صغير ضلّ طريقهُ : مكنتش أقصد يادادة ! هو اللي استفزني وحاول يقلل مني .. ودايمًا شايفني صغيرة وفاشلة
لطيفة وهي تمسح على رأسها : ده مش سبب يابنتي !
من ساعة موت المرحوم وانتي عمالة تلوشي بتصرفات طايشة ومش محسوبة .. وانا مش عايزة اكلم
كارمن وهي تطبق على جفنيها بعنف : حاسة إن الحاجة الحلوة اللي جوايا راحت ومش عارفة أرجعها .. بابا هو الحاجة دي !
_ بدأت تهذي لتتخيل .. فهمست بعدم وعي :
- تفتكري ينفع يرجع تاني !
لطيفة وقد تنغض جبينها بإستغراب : الموت مفيش منه رجوع ياكارمن
كارمن بلهجة متلهفة : ليه يادادة !
لطيفة وقد عجز لسانها عن الرد : آ... إرادة ربنا يابنتي ، كلنا هنموت
_ تحسست لطيفة جبهتها ، فوجدت حرارتها مرتفعة للغاية .. أنتفض داخلها وهي تهتف بتخوف :
- يالهوي! ده انتي حرارتك عالية أوي ياكارمن
كارمن وهي تبتلع ريقها بصعوبة : أنا كويسة
_ أعتدلت كارمن في جلستها .. في حين نهضت لطيفة عن جلستها وهي تقول :
- هجيبلك مضاد حيوي وخافض حرارة ورجعالك
كارمن وهي تستوقفها : لأ ، عندي مشوار مهم لازم اعمله الأول
لطيفة وقد أتسعت حدقتيها بذهول : مشوار إيه يابنتي ! أستني أعملك كمادات طيب .. ده انتي مولعة
كارمن وهي تهز رأسها بتشنج : لأ ، لما ارجع
لطيفة بنبرة متوجسة : رايحة فين ؟
كارمن وهي تتنهد بعمق : لـ ريان
_ وقفت لتتحرك نحو خزانتها .. وبدأت تنتقي ثوبًا كلاسيكيًا من اللون الأسود والوردي .. ثم أنهت ثيابها بمعطف ثقيل من اللون الأسود ، طوقت عنقها بوشاح من الصوف الناعم .. ولملمت شعرها ورفعته لأعلى ، ولم تنسى عطرها المفضل الذي طالما آسر حبيبها ..
وراحت تغادر القصر متوجهه نحوه ، نحو شركات النعماني .
......................................................................
_ أنقلب مزاجهُ رأسًا على عقب .. حتى إن الجميع تحاشاه حتى لا يجد ما لا يروق له ..
شرب أكثر من ثلاث أقداح من القهوة ، بجانب القهوة السريعة بالحليب .. ولم يتوقف عن حرق صدرهُ بهذا التبغ ، واصل العمل والكد حتى يصل لطريقة صحيحة يُسدد بها ثمن هذا المصنع الذي علق به ..
حتى إنه وجد بعض المصارد الشرعية گبيع أحد ممتلكاتهُ من شاليهات بأحد القرى السياحية .. ورغم تعلقهُ بها إلا إنه سيفعل ذلك رغمًا عنهُ ..
ترك قدح قهوته وهو مازال ناظرًا لتلك الأوراق ، لتدخل السكرتيرة الخاصة به وهي تقول :
- في ضيفة برا يافندم ، طلبت مني مبلغش سعاتك هي مين
ريان بلهجة قاطعة : مش عايز أقابل حد
_ لم تنتظر كارمن بالخارج ، بل إنها دلفت سريعًا لتقف أمامهُ وهي تردد بصوت واهن :
- عايزاك ضروري ، ومينفعش يتأجل
_ أستمع لصوتها ، فأستيقظت حواسهُ وتأهب ليطردها شر طردة .. رفع بصرهُ الحاد نحوها ، وكاد يتحدث إلا إنها قاطعت حديثهُ وهي تتابع :
- سيبينا لوحدنا من فضلك
ريان بنبرة مُهينة : أمشي أطلعي بره ! بـــره
_ جذبت كارمن السكرتيرة بهدوء وهي تقول لها :
- سمعتي قالك إيه !
ريان وهو ينهض عن جلستهُ بتشنج : أنا بكلمك انتي ياهانم
_ خرجت السكرتيرة عن الغرفة ، وأغلقت كارمن الباب خلفها ، ثم التفتت إليه وهي تقول :
- أنا جاية عشان أقولك أنا أسفه !
ريان وقد ارتفع حاجبيه بإستنكار : إنتي إيـه ! أسفة ؟
_ تحرك من خلف مكتبه ليخط نحوها بخطوات مُهددة .. ثم بدأ حديثهُ بصوت خشن وهو يردد :
- جاية تعتذري بعد القلمين بتوع الصبح !
أنا عندي فكرة أحسن .. هديكي قلم ونبقى خالصين
_ عادت بخطواتها للوراء بخوف منهُ بعد أن لمحت بعينيه هذا العداء البيّن .. بينما أسرع هو نحوها وهو ينتوي بها شرًا ، ووصل الأمر بينهما للركض ..
ركضت منه فركض خلفها وهو يقول بصوت گالزئير :
- أنا تيجي مفعوصة زيك تمد إيدها عليا ! ده انا أبويا معملهاش !
كارمن وهي تشير إليه ليتوقف : ريان ، بلاش جنان إحنا في المكتب .. أنت عايز تعمل إيه ؟
ريان بضحكة مستفزة : جنان ؟ هو انتي لسه شوفتي جنان ! ده انا هطلعهُ على عينك بس اصبري عليا
_ وقفت خلف مكتبه وهي تردد بتخوف :
- أبعد عني أحسن هصوت واعمل فضيحة
ريان : ولا يهمني ! أنتي اللي جاية برجليكي لحد عندي
_ أمسكت بالإطار الزجاجي الذي يحمل صورتهُ ، وتأهبت لقذفهُ عليه و :
- هعورك !
ريان وقد أشتعل صدرهُ بسخونة شديدة : أعمليها لو تقدري
_ قذفت بالأطار فـ انحنى ليتلاشاه .. حتى أصطدم بالأرضية فتهشم ، أبتسم بسخرية وهو يقول :
- شكلك نسيتي تدريبات النيشان
_ ركض ليلحق بها .. فركضت ، ظلت تلهث بإعياء وهي تقول :
- ده جزاتي إني جاية أعتذرلك !
ريان وهو يصيح فيها بعنف : بـــعــد إيـــه !
_ فرت من أمامهُ لتختبئ خلف المكتب مجددًا ، فأمسك بمعصمها أخيرًا قبل أن تهرب منه وجذبها بعنف .. شدّ على أذنها بإنفعال وهو يقول :
-ده انا ناويلك على نية سودا
_ تأوهت بتألم وهو يعتصر أذنها بين أصابعهُ .. ثم همست بصوت أقترب على البكاء :
- آآه ، خلآص انا أسفة .. سيب ودني طيب آآي
_ ترك أذنيها وكور قبضته بإنفعال شديد .. فـ وارت وجهها بين كفيها ، وأخفت رأسها منه داخل أحضانهُ .. فـ أختبئت منه إليه ، وراحت تهتف بصوت ضعيف :
_ أنا هاخد المصنع مش مهم ، بس متضربش please
_ كيف هدأت عاصفة صدرهُ ! لا يدري ..
إنه خدرها وسحرها الذي مازال أسيرًا له ، أرتفعت نبضات قلبهُ حتى إنها شعرت بها .. بينما أقشعر جسدها بلذة وهي قريبة منه ، عقد ما بين حاجبيه بضيق .. فمازال يحب هذه الخرقاء الصغيرة والمتهورة ، كيف لك ذلك أيها القلب وهي المُعذبة !
هي كـ جُرعاتٍ مُخدِره انسكبت في مصب الوريد فأدمنتُها.
عاد بجسده للوراء ليبتعد عنها .. بينما أجفلت هي بصرها بإستحياء وهي تقول :
- أنا مستعدة أخد المصنع و....
ريان وقد بدأ ينهار : أمشي من هنا ياكارمن ، أنا مستحيل أمد إيدي عليكي .. لكن عقابي ليكي هيكون أقوى وأعنف من الضرب
كارمن وقد أثر إرتفاع حرارتها على رؤيتها : ماشي ياريان ، I'm sorry
_ خطوات سريعة منها لتكون خارج حجرة المكتب .. بينما وقف هو قليلًا ، يحاول أن يُفيق حالهُ من سحرها الطاغي عليه .. غرز أصابعهُ في رأسه وبين خصلات شعرهُ وتمتم بخفوت :
- أنتي لعنتي ، ولازم أخلص من اللعنة دي
_ أمسك هاتفه الموجود بـ جيب بنطالهُ ، ثم طلب أحدهم و.... :
- أيوة يادادة لطيفة ، من فضلك متعرفيش كارمن إني كلمتك .. واسمعي اللي هقولك عليه كويس
.....................................................................
_ أغرق كفيها تقبيلًا .. وفاضت عينيه بشوق جارف لها وهو يقول :
- وحشتيني أوي ياتاج .. بقالي عشر أيام مشوفتكيش
تاج وهي تجفل بصرها بخجل منه : وانت كمان ، طمني عملت إيه في السفر!
كريم بنظرات عاشقة : سيبك من الشغل ومن أي حاجة ، أنا ماصدقت شوفتك وكمان صدفة
تاج وهي تطرق رأسها بحزن : أنت عارف ان ريان حذرني أقابلك ، ولولا إني شوفتك بالصدفة دلوقتي مكنتش هتشوفني
كريم وهو يزفر أنفاسهُ بـ اختناق : عارف ، النهاردة أكيد هلاقي حل مع كارمن .. لازم اكلم معاها لما أرجع
تاج وهي تنظر حولها بإرتباك : طب انا لازم امشي ، السواق زمانه مستنيني بره وعارف انا بخلص تدريب أمتى
كريم وهو ينظر لساعة يده بإنزعاج شديد : أنا ملحقتش أقعد معاكي .. ده انا جاي من السفر على هنا على طول عشان أشوفك
تاج وهي تنهض عن جلستها : معلش ياحبيبي ، بكرة تتعوض
_ أمسكت بحقيبتها الرياضية ورفعتها على كتفها وهي تقول :
- هشوفك تاني
كريم وهو يقف بموازاتها : أكيد هيحصل ، خلي بالك من نفسك وابعتيلي على الواتساب لما تروحي
تاج وهي تهز رأسها بـرضا : حاضر ، باي
_ تحركت من أمامه وهي تلوح له ، فلوح لها ومازال تفكيرهُ منشغلًا بما سيفعلهُ من أجل أن يتوج حبهم بالزواج .. وبينما هو واقفًا بهذه الطريقة ، إذ بها تنادي عليه وهي تقترب منه و :
- كــريم !
_ ألتفت ليجد زينة تقترب منه ، فسار نحوها حتى ألتقيا بالمنتصف .. صافحتهُ وهي تتسائل بخبث :
- غريبة يعني ، إيه اللي موقفك مع أخت ريان !
كريم بصفو نية : عادي متشغليش بالك يازينة ، موضوع كده وكنا بنكلم فيه .. المهم انتي أخبارك إيه ؟
زينة وهي ترمقه بتدقيق : كويسة ، وكارمن عاملة إيه؟
كريم : الحمد لله ، معلش أنا لازم أمشي عشان راجع من سفر .. أشوفك بعدين ، سلام
زينة وهي تصافحهُ مرة أخرى : سلام
_ سار بعيدًا عنها .. ولكنها تعقبتهُ بأنظارها ، حدثت حالها بخفوت وهي تتسائل :
- أممم ، وياترى ريان عارف إنكو بتتقابلو وتتكلمو ! ولا ...؟
...............................................................
_ وصل أمام باب القصر ، ودلف للداخل وهو يحمل حقيبة سفرهُ .. تركها جانبًا ، فوجد '' لطيفة '' تخرج من ردهة المطبخ وهي تحمل كوبًا من الأعشاب .. وما أن رآته حتى أستنجدت به و.....
- كريم ! حمدالله على السلامة يابني ، جيت في وقتك
كريم بإبتسامة مجاملة : الله يسلمك يادادة ، في حاجة ولا إيه !
لطيفة وهي تنظر للكوب الموضوع بين كفيها : كارمن تعبانة أوي وتعباني معاها ، ولا عايزك تاكل ولا تشرب ولا تاخد علاج .. وحرارتها في السما ، عملتلها تيليو بورق الجوافة ويارب ترضى تشربهُ
كريم وهو يتحرك نحو الدرج : إزاي مكلمتنيش طيب !
_ كانت ترتعش أسفل الأغطية الناعمة والثقيلة .. وأسنانها تصطق ببعضها ، لم تكفيها هذه الأغطية ولم تبعث لها بالحرارة المطلوبة ..
حاولت أن تتنفس أسفل الغطاء لتغطي رأسها أيضًا ولكنها أختنقت ، وفجأة .. وجدت شقيقها يقتحم غرفتها والقلق بادي عليه ، وهتف مذعورًا :
- كوكي ! مالك بس ياقلبي
كارمن بنبرة مرتعشة : ككـ كـ ـريم ، تعبانــ... ـة
_ دثر نفسه بالغطاء جوارها ، واحتضنها ليمتص جسدهُ هذه البرودة النابعة منها ويبعث إليها بدفء جسدهُ ..
دفنت رأسها في صدرهُ فضمها إليه بعاطفة وهو يمسح على ذراعها ليدفئها و... :
- ششش ،أهدي ياحببتي أنا جمبك !
كارمن وقد بدأت تهذي : آه ، ريــ .. ــان .. ريان عمل حادثة آه
كريم وقد تنغض جبينهُ بعدم فهم : هه
لطيفة وهي تتحدث بخفوت : بتهلوس ، من ساعة ما رجعت من بره وهي بتهلوس كده
_ وضع كفه على رأسها فوجد حرارتها شديدة الإرتفاع .. فارتجف وحدقت عيناه وهو يقول :
- دي مولعة، بسرعة يادادة هاتيلي القطن وميا متلجة .. ودوري على رقم الدكتور في النوتة بسرعة
لطيفة وهي تترك الأعشاب جانبًا : حاضر ، أوام أهو
_ عادت تهذي من جديد ، ومازال جسدها يرتعش بإنفعال لا إرادي .. و.... :
- قُصي ، قتل بابا !
هو ، قُصي قتله .. آه يابابا
كريم وقد ارتفع حاجبيه بعدم تصديق : إيــه !!!
_ وصلت أنباء اليوم كاملة لـ قُصي..
والذي أنشرح صدرهُ عقب علمهُ بما فعلتهُ كارمن مع ريان في صبيحة اليوم .. وقرر عدم تفويت الفرصة عليه ليكون بجانبها اليوم ، فـ يُسمم آذانها أكثر ضده ..
وعندما أكتشف عدم وجودها بمحيط KM .. قرر زيارتها زيارة منزلية خاصة، فـ اشترى لها الورود .. وذهب للقصر ، ولكنه تفاجأ بوجود الطبيب ، وعلم بـ إعيائها المفاجئ والشديد .. إنخلع قلبهُ عليها وتمنى لو أن المرض أصابهُ هو ، ووقف خارج غرفتها منتظرًا خروج الطبيب بفارغ صبر .. حتى خرج بصحبة كريم ..فـ اقترب منه بهلع وهو يردد :
- في إيه يادكتور ، هي مالها طمني !
الطبيب : عندها برد ، بس شديد شوية .. مصحوب بإلتهابات وإحتقان في الزور ، وده طبعًا نتيجة تقلبات الجو .. مش عايزكم تقلقو ، أنا كتبتلها على حُقن مضادة وشوية أدوية لنزلات البرد .. وأهم حاجة ترتاح وتتغذى كويس
كريم وهو يلتقط منهُ قائمة العلاج : شكرًا يادكتور
_ نزل كريم بصحبة الطبيب للأسفل ، بينما ولج قُصي لحجرتها غير قادرًا على الإنتظار من أجل رؤيتها ..
أقترب من فراشها ليجدها شبه غافية بتأثير الحُمي ، فجلس جوارها وتحسس وجهها الساخن وهو يردد بهمس :
- ألف سلامة عليكي ياأحلى كارمن في الدنيا
_ طبع قُبلة على جبينها ، وطمع في المزيد منها ..
تمنى لو إنها مستيقظة فيتمتع بالحديث إليها ، ولكن مرضها ذلك يؤلمهُ كثيرًا .. تفرس النظر لشفتيها المحتفظة بلونها الوردي رغم إعيائها ، وبدون تفكير إنحنى عليها ليسرق منها قُبلة صغيرة .. ثم عاد برأسه ليمسح على شعرها بعاطفة ،
ولج كريم بشكل عنيف للداخل ، وصاح فيه :
- أنت عديت حدودك ، أطلع بره ياقُصي
قُصي وهو ينهض من جوارها : وطي صوتك ياكريم ، قريب هتكون مراتي ومش هيكون في مكان للحدود اللي بتتكلم عنها
_ صمت كريم وهو يحدث نفسه :
- ده على جثتي لو تمت !
قُصي وهو ينظر نحوها : وعمومًا أنت عندك حق ، هسيبها دلوقتي وهاجي أطمن عليها بكرة
_ كاد يتحرك ، ولكنه استمع لهمساتها وهذيانها فتوقف :
- قُصي ، قتلهُ .. هو الي قتلهُ
قُصي وقد تنغض جبينهُ بعدم فهم : هي بتقول إيه ؟
كريم وهو يشير إليه للخارج وقد ظهر عليه الإرتباك : ولا حاجة ، سخنة وبتخرف .. تعالى ننزل تحت عشان دادة لطيفة زمانها جاية وهتديها الحقنة
_ مشى وهو مازال ناظرًا إليها ، حتى خرج عن الغرفة .. فتنفس كريم براحة وهو يغلق الباب عليها
..بينما بقيت هي تصارع داخل حلمها ومازالت تهذي بالكلام النابع من عقلها الباطن :
- هقتلهُ ، هو اللي قتلهُ .. آه يابابا
_ فتحت عينيها بصعوبة ، حملقت في السقف ثوانٍ .. ونطقت بصوت متحشرج :
- قُصي ! هقتلك لو انت اللي عملتها !
هقتلك ياقُصـــي ، زي ما خطفت أغلى حاجة مني هخطف روحك .................................................
