![]() |
رواية حبل الوريد الفصل التاسع والعشرون بقلم ياسمين عادل
_ هو يعلم سر زيارة كريم له في هذه الساعة المتأخرة وأمام قصرهُ تحديدًا .. فقد رفض طوال الأيام الماضية مقابلتهُ في حين طلب كريم اللقاء به أكثر من مرة ولكن دون فائدة .. فقد قُبل طلبهُ بالرفض دائمًا ..
تأفف بحنق وأطبق جفنيه وهو يتمتم بخفوت :
- مش وقتهُ خالص
_ أوقف سيارتهُ وفتح بابها ليترجل عنها ببطء شديد .. نظر حيالهُ عن بُعد ثم بدأ يتقدم منهُ ، بينما تحرك كريم نحوهُ بخطوات عازمة ومثابرة .. حتى وقف الأثنين في قبالة بعضهم البعض ، تأمل ريان هذه اللمعة التي تُضئ عيني '' كريم '' ، هذه اللمعة يعرفها جيدًا ويحفظها عن ظهر قلب .. لمعة عاشقة متلهفة ، أخفض بصرهُ بتنحي وهو يردد :
- خير ياكريم !
كريم بلهجة تحمل بعض الحدة : بقالي أسبوع بحاول أقابلك وانت بتتهرب مني .. مكنش قدامي غير إني أحطك قدام الأمر الواقع واجيلك لحد هنا
ريان وقد برزت بسمة ساخرة على جانب ثغرهُ : الأمر الواقع ! وبعد ما حطتني قدام الأمر الواقع ، عايز إيه !؟
كريم بعزيمة شديدة : أنا مش هعيد قصتك انت وكارمن ، ومش هتخلى عن البنت اللي بحبها لمجرد ان اخوها عايز يدخلنا في حرب ملناش يد فيها
ريان وقد انعقد حاجبيه بإعتراض : والله !
طب ما تاخدها وتهرب احسن! لسه هتتعب نفسك في حروب ملهاش لازمة ياراجل ؟
كريم وهو يعقد ساعديه أمام صدرهُ : أنا مش عيل عشان أعمل كدا ! ولا تاج البنت اللي تهرب وتسيب بيت أهلها
_ تنهد ريان بنفاذ صبر ، ثم طقطق أصابع يدهُ وهو يكورها بإنفعال ، وردد :
- جاي عايز إيه ياكريم ! مش معقول جاي تسمعني الكلمتين دول ؟
كريم وهو يستجمع شتات نفسهُ : جاي أطلب منك إيد تاج ، ومستعد أعمل أي حاجة تخليك توافق على ارتباطنا
ريان : ...........
_ هو يراه جديرًا بشقيقتهُ ، وبه من سمات الرجولة ما يكفي لأن يسلمها لها بإطمئنان .. ولكن هناك فجوة تتسع يومًا بعد يوم ، إنها حبيبتهُ !
حبيبتهُ التي لا يعلم ما هي آخر محطة بالقطار معها ، وإلى أين سيقودهم هذا القطار ؟ حتمًا سيشكلون عائقًا لهم .. وبنفس الآن ، لا يرغب بظلمهم .. فيكون قد جنى بكامل إرادتهُ على نبتة الحُب الطاهر الذي نضج بينهما ، فيحمل وزرهم طيلة حياته .. لذلك قرر تأجيل الأمر لأجل غير مسمى ، عسى أن تجدّ أمورًا جديدة لا يعلمها ..
رفع رأسهُ المنكسة عاليًا وحدجهُ بعزة وهو يهتف :
- أنا مش هرفض المرة دي ، لكن هقولك سيبها للظروف .. ومحدش عارف بكرة في إيه
كريم بنظرات مترقبة ، وقد علت دقات قلبهُ : يعني إيه كلامك ده!؟
_ أولاه ظهرهُ .. وبدأ يتحرك نحو سيارتهُ وهو يقول بصوت مسموع :
- يعني سيبها على الله ، محدش عارف بكرة في إيه !
كريم بصوت مرتفع : ريان ، إنت حبيت ، وعارف يعني إيه
حُب !
_ توقف ريان لحظة وقد أقشعر جسدهُ على أثر هذه العبارة ، لوهلة شعر بالندم .. فأطبق جفنيه بتألم وهو يهمس :
- ويارتني ما عرفتهُ !
كريم وهو يتابع عبارتهُ ليؤكد عليها : مش هسامحك عمري .. ولا هسكت ، لو فكرت تمنعني عنها
ريان : ..........
_ أبتسم ساخرًا ، ثم التفت نصف التفاتة ليقول بقهر :
- ياريت أختك كانت زيك ، واتمسكت متخليتش !
كريم وقد فهم ما يرمي إليه : كارمن محبتش في حياتها قدك انت وبابا ياريان ! حتى لو بتعاند وتكابر .. أنا أكتر واحد حاسس بعذابها وهي بتكدب على نفسها وعليك .. صدقني
_ أصابت كلماتهُ مرماها .. ولمست منطقة حية بداخلهُ ، تذكر ضعفها واستسلامها له منذ ساعات ، تذكر كيف كانت تشتاق له حجم اشتياقهُ لها .. ولكنها عنيدة متكبرة ، ترفض إظهار ذلك وإن طفى على السطح ..
فرك عينيه بإرهاق وهو يقول :
- تصبح على خير
_ أستقل سيارتهُ وبدأ يتحرك بها ليكون داخل محيط القصر .. بينما تحرك كريم مغادرًا من أمام القصر .
_ لم يكن وحيدًا في ليلتهُ ، بل إنها رافقتهُ ظلامهُ وليلهُ ..
بينما كان حالها لا يختلف عنه بل أشد ..
لمساتهُ على بشرة وجهها ، قُبلاتهُ المحمومة التي أقتحمتها فـ أذابت جليد قلبها .. تشعر به وكأنه جوارها ، وكأن قُبلتهُ مطبوعة على شفتيها ، تتحسسها وكأنها وليدة اللحظة الحالية ولم يمر عليها ساعات طويلة ..
قررت أن تستحم ، علها تتخلص من هواجسها وتخيلاتها .. ولكن ما زادت المياة الساخنة إلا من إشتياقها له ..
..............................................................
_ مشت بين الأروقة متبخترة ، تشعر ببهجة هذا الصباح ، منذ وفاة والدها الراحل وهي في حالة ميئوس منها .. ولكن اليوم ، لا تعرف ما سبب هذا الإختلاف الذي توغل داخلها ..
تركت حقيبتها في حجرة المكتب خاصتها ، ثم قررت الذهاب إليه لتعلم ما هذا السر الذي أبلغها إنه سيصرح به اليوم .. كانت تتآكل شغفًا لمعرفته ، وأثناء سيرها لمحل مكتبهُ .. أستوقفها المدير العام لمشروعها .. المهندس رأفت الجبارتي ، صديق والدها الراحل والمقرب للعائلة .. والتي أسندت له مهمة الإشراف على المشروع لثقتها العمياء به ..
وقف معها ليتبادلون الهمس فيما بينهم و.......
رأفت بصوت خفيض : قُصي نقل أدوات البنا وكل الأدوات اللي اشتريناها لمخزن تبعه منعرفش عنوانه إيه !
كارمن وقد تنغض جبينها بعدم فهم : وهو يعمل حاجة زي دي ليه ؟
رأفت وهو ينظر حوله بنظرات متوجسة : دي عادته من أيام المرحوم الله يرحمه ، عايز كل حاجة تتم تحت إشرافه وسلطته ويكون عارف بيها ، وبما إنه نقلهم يعني مش هنشتغل غير لما نقوله
_ فركت كارمن أصابعها بتفكير ، أطرقت رأسها ثوانٍ معدودة .. ثم رفعت بصرها إليه من جديد وهي تهتف :
- أنا هتصرف ياأونكل رأفت ، شكرًا لأنك نبهتني
_ خرج قُصي من حجرة مكتبهُ وهو يغلق زر سترتهُ البنية .. لمحته كارمن فسلطت بصرها عليه قليلًا وهو ينظر إليها بعاطفة ، ثم أحنت بصرها عنه وهي تقول :
- حضرتك تقدر تتفضل وانا هشوف الحكاية دي !
رأفت وهو يرجع بخطواته للخلف : ماشي يابنتي ، عن أذنك
_ تحركت كارمن بإتجاههُ ، وصوت حذائها يبدو له گالأنغام الموسيقية .. أبتسم لها وهي تقترب منه ، إلى أن حدثت الفاجعة ..
رأت '' مراد '' يخرج أيضًا من حجرة المكتب ، فأتسعت عيناها بذهول وأنفرجت شفتيها گالبلهاء وهي تهمس :
- مــراد !
_ مد قُصي يدهُ لتصافحهُ ، ولكنها تجاهلتهُ تمامًا وهي تقول :
- إيه اللي جاب مراد هنا ياقُصي ؟؟
قُصي وهو يسحب كفها عنوة ليُقبله : مش تقولي صباح الخير الأول ياحياتي
_ سحبت كفها بعنف ، ولكن عقب أن طبع عليه لمسة من شفتيه .. أرادت التقيؤ ولكنها كافحت من أجل موارة ذلك ، إلى أن وقف مراد قبالتها وهو يدس كفيه في جيب معطفهُ ويقول بسخرية :
- صباح الخير ياكارمن هانم !
كارمن بلهجة فظة غليظة وهي تحدجهُ بقسوة : أنت بتعمل إيه في شركتي يااسمك إيه انت !
مراد بنظرات باردة أثارت أستفزازها : مش جاي ليكي يابنت صاحب الشركة
_ ثم رفع كفيه بملامح مزيفة وهو يردد :
- الله يرحمه
_ جرح جديد أنفتح في صميم قلبها ، وهو يذكرها بوالدها الراحل بمنتهى القسوة والشماتة .. حاولت موارة حزنها ، ولكن كانت عينيها التي لمعت بوميض مبكر تعلن عن إنفجار وشيك الوقوع .. لاحظ قُصي تبدل حالتها .. فذم شفتيه بضيق وهو يوجه إليه الحديث قائلًا :
- مع السلامة يامراد
مراد بإبتسامة صفراء : سلام
_ أنصرف من بينهم ، بينما رمقتهُ هي بنظرات مغتاظة قبل أن تتركهُ وتلج لحجرتهُ .. ليتبعها بخطوات متعجلة ، أوصد الباب لتنفجر فيه بصوت مرتفع :
- إيه اللي جاب الكائن ده هنا !
قُصي بنبرة هادئة : مش انا وعدتك هجيبلك اللي قتل عمي جلال !
كارمن وقد أنعقد حاجبيها بتشوش : وده مالهُ ومال الموضوع ده ؟!
قُصي وقد أزدادت إبتسامتهُ إتساعًا وهو يردد : حببتي هو ده اللي هيوقعه
كارمن ببلاهه حقيقية : يوقع مين !
قُصي : أخوه ، هو ده الصنارة اللي هنصطاد بيها ريان .. وبكدة هنفذ وعدي ، وانتي تنفذي وعدك
_ يـا لهُ من كارثة بشرية حقيقية تسير على الأرض !
خطتهُ الوقوع بين الأخييّن .. حتى يأتي بأحدهما گقاتل، ويتحقق مبتغاه !
نظرات من الشدوه ، ورمشات بالعين .. وهي تحاول إستيعاب الموقف الذي يخطط له قُصي ، لقد هابتهُ حقًا في هذه اللحظة ..
عادت خطوة للوراء لتصطدم بالمكتب ، وهي تهتف غير مصدقة :
- هتوقعهم في بعض !
قُصي وهو يهز رأسهُ نافيًا : لأ ، مراد هو الجاسوس الجديد اللي هيوقع أخوه .. بطريقة أو بأخرى هيجيب الدليل على إن أخوه هو اللي دبر للحادث ده
كارمن وهي تنفض رأسها بإنفعال رافضة سلوكهُ : مش هو ، ريان كان في المستشفى وقت الحادثة
قُصي : تؤتؤتؤ ، ريان عمل حادثة بعد أبوكي بـ عشر دقايق بالظبط !
كارمن وقد ضاقت عينيها بفضول خبيث : وانت عرفت إزاي؟
قُصي بإبتسامة عريضة : مصادري بقى ياكوكي! المهم الدور عليكي وهتنفذي وعدك انتي كمان .. بمجرد ما نتأكد إن هو القاتل
كارمن وهي تصرخ فيه غير مصدقة : مش هـــوا ! قولتلك مش هوا اللي قتلهُ يبقى صدقني
_ أنفلت زمام الهدوء الذي تحلى به طويلًا .. وكأنه ذئبًا كشر عن أنيابهُ وهو يتحدث بغيظ :
- ومتأكدة ليه ! مش ده أول واحد أتهمتيه وكنتي عايزة تنتقمي منهُ ! مش ده السبب في حرمانك من أبوكي ؟ مش هو ! إيـه اللي أتغير؟ حنيتي تاني !
_ لم تُجيب ، فأقترب منها بإنفعال وأطبق على رسغها بعنف همجي وهو يعيد سؤاله ولكن بطريقة أكثر عدوانية :
- ردي عليا ، حنيتي ليه تاني ؟؟
كارمن وهي تضرب على صدرهُ بقوة ليُفلتها : أوعى سيبني ، إزاي تمسك دراعي كدا يامجنون انت !
قُصي وهو يغرز أصابعهُ في رسغها ليؤلمها : ورحمة أبويا وأبوكي ، لو حصل .. لأكون قاتلهُ وقاتلك ، ومش هعيش على ذكراكي ، لأ .. هقتل نفسي وراكي ، عارفة ليه !؟
كارمن وقد أرتفع صدرها بحركات تنفسية غير منتظمة : آآه ..
قُصي وهو يلامس وجهها بأنفاسهُ : عشان مقدرش أعيش من غيرك ، مقدرش أعيش وشايف حد تاني بيتهنى بيكي ومعاكي .. هيكون آخر يوم في عمرهُ وعمرك
_ أفلتها أخيرًا بعد أن أطمئن من وصول رسالتهُ المتوعدة كاملة لها .. واستشعر خوفها الشديد منهُ ، والذي ظهر في حبات العرق التي تناثرت فوق جبهتها رغم برودة الأجواء ..
دفعتهُ بأقصى قواها ، وراحت تخرج بهرع من حجرتهُ وهي تقصد حجرة مكتب شقيقها '' كريم '' .. ولكنها لم تجدهُ ، جلست على الأريكة الجلدية وهي تتنفس بصعوبة بالغة ، وخرج الكلام من بين شفتيها متعلثمًا غير مفهومًا :
- مـ .. مجنون ، مجنون ويعملها ! طـ ـب وبعديــ.. ـن ؟
_ نهضت عن مكانها سريعًا ، توجهت ناحية الهاتف ورفعت السماعة لتضرب رقمهُ .. ولكنها أغلقت السماعة بسرعة قبل أن يجيب ! ثم أعادت فعلتها مرتين متتاليتين.. إلى أن قررت عدم التراجع هذه المرة و .....
_ كان ريان يقف مع المهندسون المسؤلون عن تنفيذ مجسم عن المشروع الجديد .. حيث انتهى عملهم وحانت لحظة التقييم ، وحين ذلك رن هاتف المكتب .. تركهم ريان وانتقل إليه بخطى واثقة ، رفع السماعة وهو يقول :
- ألـو ؟
- آ ......
ريان وقد أستمع لصوت أنفاسها المتسارعة : كارمن ! ؟
كارمن وهي تغالب شوقها له : ريـان !
ريان وقد أتسع ثغره ببسمة متفائلة : شكلي وحشتك ؟
كارمن وهي تبتسم رغمًا عنها : محتجاك !
_ أنعقد حاجبيه بقلق ثم ردد بدون تفكير :
- كارمن ! أنتي كويسة ؟ جرالك حاجة؟
كارمن وهي تهز رأسها تلقائيًا : آ لأ ، بس أقصد في موضوع مهم لازم أشوفك عشانهُ
_ تقوست شفتيه بإستنكار ، ثم نظر لساعة يدهُ قبل أن يقول :
- هشوفك في النادي بعد ساعة
كارمن : كويس ، يلا سلام
_ أغلقت الهاتف ، فنظر نحو السماعة بغيظ وهو يتمتم معاتبًا حاله :
- مفيش فايدة ، مش بسيطر على نفسي برضو .. أوف !
- ريان بيه ، كده خلاص ولا في تعليمات تانية
ريان وهو يضرب السماعة بعنف على الهاتف : أنا جاي أهو
....................................................................
_ كانت تركض في النادي بالملابس الرياضية ، رافعة لشعرها بعقدة كبيرة ليسندل على ظهرها .. ومع كل ضربة تضرب بها الأرض بقدميها تنفث عما بداخلها من حالة تضارب عنيفة وصراع عقلي وعاطفي لا ينتهي ..
توهج جسدها وازدادت حرارتهُ ، ولكنها لم تهتم .. إلى أن أصطدمت بإحداهن لتتوقف ، إنها صديقتها المقربة التي لم تراها منذ زمن .. أبتسمت كارمن بسعادة وهي تحتضنها قائلة :
- يـــسـرا ! وحشـــاني جدًا
يسرا وهي تمسح على ظهرها بنعومة : أنتي اللي وحشاني لدرجة متتوصفش
_ أبتعدت عنها سنتيمترات وهي تقول :
- أنا قولت خلاص كارمن مش هتيجي النادي تاني أبدًا
كارمن بإبتسامة باهتة : أنا كمان كنت فاكرة كدا
يسرا وهي تربت على ذراعها :الحمد لله إنك بخير ياحببتي ، طمنيني عليكي وعلى آ .....
_ بترت عبارتها وهي تبتلع ريقها بتوجس ، فقد ظهر ريان في هذه اللحظة تحديدًا .. مرتديًا بنطال رياضي قصير و-تيشرت - قطني أبيض اللون ، واقترب منهم ..
وعندما تبينت ملامحهُ لها ، رأت هذه الصرامة الغير معهودة على وجهه ، ومن بين ثنايات بشرتهُ رُسمت الحدة .. فهمست بخفوت قبيل أن تلاحظ رفيقتها :
- ريان جاي وراكي ، لو عايزة تخلعي بسرعة أخلعي
_ أستدارت كارمن بجسدها لمواجهته ، أو الأحرى لإستقبالهُ ، أرتفع حاجبي يسرا بإستغراب وهي تتسائل :
- هو انتو متفقين ولا إيه !
ريان وهو يقف أمامهم مباشرًة : مساء الخير ، أزيك يايسرا
يسرا وهي تصافحه بملامح مصدومة : كويسة ، هو انتوا اتصالحتو من ورانا ولا إيه ؟
ريان وهو ينظر نحوها بحقد شديد : صُلح إيه اللي بتكلمي عنه ! خلاص الموضوع ده راح لحالهُ .. كل الحكاية إن في بيزنس يجمعني مع الآنسة وانا جاي أخلصهُ
_ شعرت كارمن بالحرج الشديد ، وقد تسرب هذا الحرج لوجنتيها اللاتي توهجت وارتفعت سخونتها .. فأجفلت بصرها ، بينما تابعت يسرا :
- آآ .. كل حاجة بتتغير في لحظة ياريان وربنا يهديكوا و...
ريان مقاطعًا لها : مفيش داعي لآمال ملهاش لزوم يايسرا
يسرا وهي تعض على شفتيها : طب عن أذنكم انا
_ أنصرفت يسرا ، وبدأت كارمن بالتحرك أيضًا .. فأسرع ليقف قبالتها وهو يردد بصوت خشن :
- إنتي جيباني عشان تمشي وتسيبيني ! مش هتبطلي تصرفات الأطفال بتاعتك دي ؟
كارمن وهي تكز على شفتيها بحنق شديد : إحنا متراقبين ياڨندام ( ممثل أجنبي ) ، أمشي من سكات
_ تنحنح بتماسك مزيف ، فما زالت تتذكر حتى الأفلام المفضلة لديه والمفضلين لديه من المشاهير .. ثم انحرف يمينًا ليسير بجوارها نحو ساحة الملعب الكبيرة ، والتي يلعبون بها لعبة التنس الشهيرة .. حصل كلاهما على مضرب كبير ، وقبل أن تتحرك للجانب الموازي ، هتفت بصوت خفيض :
- أخوك ، خلي بالك منه
ريان وهو يرفع رأسه فجأة تجاهها : أفندم !!
كارمن بثبات : زي ما سمعت
_ تركتهُ في حيرتهُ وانتقلت للجانب الآخر لتبدأ باللعب ، بينما وقف هو في مكانه غير قادر على التركيز .. فقد شتتت إنتباههُ وعبثت بتفكيرهُ عمدًا ، تُرى ما الحقيقة التي علمتها لتقول ذلك ! ..
كان اللعب بينهما گالحرب المشتعلة ، ورغم عدم تركيز ريان وانشغالهُ بأمر أخيه إلا إنه استطاع اللعب بمهارة گعادتهُ.. كل منهما يقفذ الكرة وكأنها قُنبلة موقوتة ، واستمر الوضع بينهما قرابة النصف ساعة .. إلى أن أفرغ كلاهما شُحنة كبيرة من الغضب الكامن بداخلهم ..
تحركا بإتجاه بعضهما البعض ، وقبل أن ينهال عليها بالأسئلة والإستفسارات .. قال هي :
- مراد هيكون جاسوس عليك ، قُصي هيحاول يوقعكم في بعض عشان حد فيكم يلبس التهمة ..
ريان بسخرية : وطبعًا كل ده عشان ينول رضاكي
كارمن بحدة ممزوجة بالعقلانية : مش من الحكمة تتشغل بيا ، وإزاي تحرق دمي ، فكر هتعمل إيه مع مراد
ريان : ................
كارمن : أنا لازم امشي
_ أقتربت منهُ ، ودهست قدمهُ بنعل حذائها الرياضي السميك .. تعمدت الضغط على قدمهُ بعنف وهي تهمس :
- على فكرة ، أنا مش طفلة
ريان وهو يمنع نفسهُ من التألم أمامها : لاحظي إنك دايسة على رجلي
كارمن وقد تلوى ثغرها ببسمة عابثة : وياريتك بتحس ، ده انت نحست خلاص
_ خطت نحو الأريكة الخشبية ، لملمت أشيائها في حقيبتها الكبيرة ، بينما كان هو يحرك أصابع قدمهُ التي دهستها بعنف آلمه .. وقبل أن تغادر حانت منها إلتفاتهُ لتنظر إليه نظرة أخيرة قبل أن تنصرف ، فوجدته عالقًا عليها ..
أنصرفت وداخلها يأبى الإنصراف .
_ أنتظرها تنصرف ، حتى لا ترى تعابير وجهه تلك فتخشاه .. تحولت معالم وجهه بنسبة مائة بالمائة ، لمعالم أخرى أكثر شراسة ، بحث عن هاتفهُ في جيوب بنطالهُ حتى وجدهُ .. فـ أتصل بأحدهم و......
- أيوة يارجب ، طالما موصلناش لحاجة تخص الـ ..... ده ، يبقى هنمشي الخطة التانية .. أه ، عايزين نشغلهُ شوية ، المخازن دي تتحرق وتتفحم النهاردة قبل بكرة ، الـ **** ده لازم يتحرق دمهُ شوية
_ أغلق هاتفهُ ، نظر للفراغ .. يريد أن ينهال على أحدهم بضربًا عنيفًا حتى يموت .. ربما يهدأ ، غرز أصابعهُ بين شعرهُ وهو يقول بخفوت :
- بقى كدا يامراد ؟ بقى كدا يابن أبويا ! .. أنت اللي أختارت عداوتي ، بس خليك فاكرها.
....................................................
...............................................................
