رواية الرسم على القلب الفصل الثالث بقلم زينب محروس
_ كريم، مبيكلمش بنات من هنا نهائي، لأنه مرتبط، مش شايفة الدبلة اللي في إيده؟
ابتسمت نيچار و قالت بلامبالة:
_ طب و فين المشكلة إنه مرتبط!؟
_ أنا شوفتك مركزة معاه فقولت اعرفك.
طمنتها نيچار إنها بالفعل كانت مركزة معاه بسبب مقدار الوزن اللي بيتمرن به مش أكتر، بالإضافة لوجود معرفة طفيفة بينهم و هي كانت بتفكر لو تروح تسلم عليه و لا تستني لبعد التمرين.
ظهر حماس غريب على البنت لما عرفت إنهم معارف، فعرفتها إن اسمها مها و تبقى بنت خالة كريم، و اتعرفوا البنات على بعض و في الآخر مشيت نيچار بدون ما تتكلم مع كريم.
في طريقهم للبيت، فتحت مها الكلام وقالت بفضول:
_ بس مين البنت الحلوة اللي اتعرفت عليها مؤخرًا دي يا كريم؟
_ نيچار، مدرسة رسم.
_ لاء دا إحنا مركزين خالص! شكلك هتبدل الدبلة اللي في ايدك دي قريب.
رفع كريم ايده على مستوى نظره و قال بشرود:
_ مستحيل يبقى في غيرها، أنا كويس كدا.
اتنهدت بيأس و قالت:
_ و الله طول ما انت معقد نفسك كدا، الدنيا هتفضل مقفلة في وشك! دا البت زي العسل الله اكبر عليها.
سألها كريم بانتباه:
_ و انتي عرفتيها منين؟
حكت له مها عن الحوار اللي دار بينهم في الچيم.
★★★★★★
على الطرف التاني رجعت نيچار بيتهم اللي كان في حي راقي، لكنها كانت شقة بردو في عمارة، قعدت على السرير و هي بتفكر في نفسها و في مشاعرها اللي لأول مرة بتتحرك، مكنتش عارفة تحدد هي معجبة ب كريم و لا عايزة ترد له الجميل عشان ساعدها! و لا عايزة تساعده رأفة بحالته المادية! و لا المساعدة دي مجرد وهم عشان تقرب منه!؟؟؟
اتنفست بضيق و قالت باقتناع:
_ حب ايه و عبط ايه! هو انا لحقت، و الله ما أنا رايحة الجيم دا تاني.
و بالفعل مبقتش تروح، و في يوم كانت ندى معاها في المدرسة فسألتها بفضول عن علاقتها ب كريم، فقالت نيچار إنها متعرفش عنه حاجة من شهر، فقالت ندى باستغراب:
_ غريبة دا انتي فضلتي كام يوم مش بتتكلمي غير عنه و لما نزلتي الچيم عشانه قولت الموضوع هيطور بينكم و مش هتبقى مجرد رغبة في المساعدة.
اتنهدت نيچار و هي بتعدل شعرها، و قالت بتوضيح:
_بصراحة يا ندى أنا منكرش إنه ساعدني اكتر من مرة، بس خوفت كريم يفسر رغبتي في المساعدة على إني بلاحقه و معجبة بيه.
سألتها ندى بترقب:
_ طب و انتي مش معجبة به؟
_ يعني ممكن أكون معجبة، و عشان كدا محبتش أقرب منه، أنتي عارفة مبدأي في موضوع الارتباط و الحب ده.
ابتسمت ندى و قالت بتوضيح:
_ طبعًا دا أنا حفظت كلامك بإن البنت يُسعى إليها بالألف ميل و لا تتزحزح يا فنانة.
ضحكت نيچار و قالت بتأكيد:
_ براڤو عليكي، و عشان كدا أنا كرڤت للموضوع.
خرجت نيچار مع ندى توصلها لعربيتها المركونة قدام المدرسة و في رجعتها انتبهت للبنت اللي واقفة جنب السور و بترسم في دفتر صغير.
توجهت لها نيچار و سألتها بحب:
_ واقفة كدا ليه يا لوكة؟ مروحتيش مع صحابك في الباص ليه؟؟؟
_ مستنية عمو كريم.
بصت نيچار في ساعتها قبل ما تسأل ملك بشك:
_ متأكدة إنه جاي يا حبيبتي؟؟
ردت عليها ملك بحماس:
_ ايوه، هو قال إنه هيفك الجبس النهاردة و هيجي ياخدني عشان نتفسح سوا.
استغربت نيچار موضوع الجبس، لكنها لما استفسرت من ملك عرفت إن نفس الإيد اللي أخدت ضربة لما أنقذها هي اللي اتجبست، و دا بسبب الإصابة اللي تغاضي عنها في الاول فزاد الألم. أضعافه و بقى مضطر يجبس دراعه.
فضلت نيچار واقفة معاها و هي بتفكر في حل تساعده به، لأنها متأكدة إنها أساس المشكلة، و دا اكيد أثر على شغله، و بما إنه شخص لا بيقبل عوض و لا بيقبل مساعدة من حد فكانت حاسة بتأنيب الضمير.
لما وصل كريم كان معاه بنوتة عندها سبع سنين، اول ما شافت نيچار جريت عليها و حضنتها لأنها كانت بتلاعبها في المرة اللي زارتهم فيها مع والدها بعد حادث الخطف.
نزلت نيچار لمستواها و رحبت بها و هي بتمدح تسريحة شعرها اللي شبه ديل حصان على الجانبين، بدأ كريم كلامه بجدية:
_ شكرًا لحضرتك يا آنسة نيچار عشان استنيتي مع ملك.
رجعت وقفت و اتكلمت بابتسامة:
_ طمني عليك؟ صحتك تمام؟
رد كريم باختصار:
_ الحمدلله بخير.
قررت تنسحب و ترجع للمدرسة لكن البنوتة الصغيرة أصرت إنها تروح معاهم، لكن نيچار رفضت بحجة إنها خروجة عائلية، بس لما كان الطلب من كريم إنها تروح معاهم، مقدرتش ترفض و طلبت منهم يستنوها على ما تجيب شنطتها.
و هما في الملاهي كان كريم مكتفي إنه يشتري تذاكر الألعاب و يروح يراقبهم من بعيد و هما مبسوطين مع نيچار، و كل شوية كان يرفع ايده و ينقل نظره بين نيچار و بين دبلته.
كان واقف قدام بيت الرعب و هو بيفتكر إن دا اكتر مكان كان بيحب يدخله قبل ما يتحمل المسؤولية، و تتقلب حياته من الرفاهية المطلقة للحدود المقيدة في كل الأمور.
وقفت جنبه و في إيدها البنتين، و سألته بترقب:
_ تحب تدخل؟
_ ياريت.
كان رده تلقائي، لكنه تراجع بسرعة لما سألهم باهتمام عن اللعبة اللي لسه حابين يلعبوها، فردت ملك بإنها تعبت و مبقتش عايزة تركب اي لعبة تاني، و انتهي اليوم على كل كدا.
و مر على اليوم دا شهر كمان، لحد ما اشتركت المدرسة في مسابقة للأنشطة الفنية، و قدمت ملك في مسابقة الرسم، و عشان كانت نيچار هي المدرسة بتاعتها و المسؤولة عن تدريبها في الرسم، فكانت مضطرة تقابلها يوم في الأسبوع برا المدرسة عشان تعلمها، لكن كريم اعترض على موضوع المقابلة الخارجية و دا بسبب خوفه على بنت أخوه لأنه مش هيكون فاضي يوديها و يجيبها كل شوية، و بالتالي طلب من نيچار إن لو معندهاش مشكلة فهي تقدر تعلمها عندهم في البيت، و في أول أسبوعين مكنتش نيجار بتتقابل مع كريم نهائي بسبب شغله.
راح كريم عشان يزور خالد اللي بيجهز في شقته، فسأله خالد باستفسار:
_ مش ناوي تخلع دبلتك دي بقى و تفكر تاني في موضوع الجواز ده؟
حرك كريم الدبلة اللي في ايده، و قال بحيرة:
_ بصراحة فكرت في الموضوع ده، بس حتي اللي أنا معجب بيها، مستحيل يكون في بينا علاقة.
سأله خالد بتعجب:
_ أنت معجب بحد؟؟
حرك كريم دماغه بتأكيد، و قال:
_ أيوه، نيچار الرسامة اللي كانت في حفلة خطوبتك.
خبطه خالد على كتفه بحماس:
_ ايوه بقى يا معلم هو دا الكلام، هتفرحنا امتي.
_ متفرحش اوي كدا، لأنها علاقة مستحيلة.
حاول خالد يشجعه:
_ مستحيلة ليه؟ طالما أنت معجب بها؟ و بعدين هي تلاقي شاب زيك فين؟ محترم و أخلاق و ماشاء الله عليك فتحت مركز صيانة في مكان راقي و دخلك مش بطال، يبقى فين المشكلة؟؟
_ التعليم هو المشكلة؟
رد عليه خالد بتهكم:
_ دا عقلك المعقد هو المشكلة، بطل العبط بتاعك ده و خد خطوة في الموضوع، لأن الجواز دا نصيب عمره ما كان بالشهادة.
كان كريم مقتنع إن الموضوع بيكون صعب و مفهوش تفاهم لما يكون الزوج أقل في التعليم من الزوجة، لأن دا ساعات بيسبب خلافات بينهم، لكنه حاول يعطي لنفسه فرصة و يسمع لكلام صاحبه.
و عشان كدا قرر يرجع البيت بدري عشان يلحق يتكلم مع نيچار قبل ما تمشي، و في الحقيقة هي كمان كانت مستنياه، و عشان كدا اول ما دخل البيت طلبت تتكلم معاه لوحدهم، بدأت كلامها بإحراج:
_ أنا مش عارفة المفروض اقولك كدا و لا لاء، بس بصراحة عايزة اقول.
رد عليها كريم بابتسامة:
_ اتكلمي عادي، مفيش داعي لكل التردد ده.
بلعت ريقها و قالت:
_ بصراحة كدا هو عرض جواز، و أنا احترت من كتر التفكير لوحدي عشان كدا عايزة أسألك.
