رواية مليكة الايهم الفصل الثالث 3 بقلم اسماء علي

 

رواية مليكة الايهم الفصل الثالث بقلم اسماء علي

_ دكتورة رحمه المريضه لازم تفوق في أسرع وقت عشان ضربات قلبها مش في حاله مستقرة. 

قالتها الممرضه اللِ دخلت فجأة من غير إستأذان، وهي بتتنفس بسرعه وکأنها كانت بيتجري. 

قُمت تلقائيا لما سمعت كلامها وخرجت بسرعه من الأوضه بدون ولا كلمه ولا كُنت واعي ولا سامع حد عامةً.. 

ڪل اللِ بيتردد في دماغي ڪلام الممرضة، 
وصلت للأوضه اللِ موجودة فيها مليكه، 
كان في هرج ومرج ودكاترة داخله ودكاترة خارجه والموضوع مش مطمئنً خالص. 

قربت من الباب وبصيت لِ جوا، كان فيه دكاترة حوالين مليكه بيحاول يرجعوا علاماتها الحيوية لموضع الإستقرار، 
وحركت نظري علي مليكه اللِ راقدة علي السرير لا حول لها ولا قوة، 
ووشها الشاحب زي شحوب الموتيٰ. 

شلت نظري من علي مليكة بصدمه من حالتها وشكلها، وحطيته علي الجهاز اللِ بيعرض علامات قلبها الحيوية، 
كان ضعيف جداً، وبيقل تدريجياً.. وبما إني دكتور فالحاجات دي بالنسبالي معروفه. 

ثواني كانت كفيلة إني ألمح ده كله، 
وبدون إنذار فتحت الباب ودخلت، وأنا متجاهل صوت الدكتورة وهي بتنادي عليا. 

قربت من السرير، لكن واحده من الممرضات منعتني، وقالت: 
_ مينفعش يا فندم، إتفضل أُخرج. 

إتجاهلت كلامها، وقربت من الدكتور اللِ واقف جانب مليكه، وبيحاول يفوقها. 

لمحني وأنا بقرب منه، بصيلي وقال بإعتراض: 
_ بتعمل إيه هنا حضرتك؟ مينفعش وجودك هنا، إتفضل أخرج لو سمحت. 

شديت كرسي، حطيت جانب السرير اللِ نايمه عليه مَليكة، بعد ما بعدت الدكتور من جانبها، وقلت ببرود: 
_ أنا دكتور وعارف كويس أنا بعمل إيه. 

_ بس... 

بصيتله بطرف عيني بتحذير، نفخ بضيق وسكت. 

رجعت نظري علي مليكه تاني، وأنا بقرب منها، 
بحاول أمرر عيني علي ملامحها الباهته من كُتر التعب، 
وهدوءها اللِ متعود عليه، بس الهدوء ده غير.. 
حطيت إيدي علي خدها بلطف، كان وشها ساقع.. 

قربت وشي من ودنها، وأخدت نفس عميق بتعب ، وقلت بهمس حاني: 
_ مَليكة.. مُوكا. 

إبتسمت بحزن لما أفتكرت ذِكري ليها وأنا بدلعها، غمضت عيني وقلت:
_ فاكرة إنتِ لما قولتلك يا موكا، كان يوم كتب كِتابنا، وكُنتِ زي القمر في ليلة بَدره علفكرة.. بس إنتِ مكُنتيش عايزاني وكُنتِ رافضه الموضوع عشان كده الحُزن كان باين في عيونك والزعل كان مرسوم في إبتسامتك اللِ كُنتِ بتجاهدي عشان تظهريها.

حركت نظري علي اللاشيء، وقلت بعد برهه من الصمت: 
_ عارفه إنتِ أنا مكنتش بعاندك ولا كُنت بحاول أجبرك علي حاجه، أنا كُنت عايزك وعايز أبعدك عن القوقعه اللي إتشديتي ليها.. إنتِ مش ضعيفه يا مليكه وعُمرك ما كُنتِ كده أنا طول معرفتي بيكِ كُنتِ هادية وراسيه وبتعرفي توزني الأمور صح وبتحطي كل حاجه في مكانها الصحيح، يمكن اللِ حصل ده في مصلحتك يعلمك إن مش أي حد تتعرفي عليه وعمل كام موقف قدامك عجبك وكان في صالحك إنك تديلة الثقة وتعامليه كأنه مفيش غيره وتحطيه في مكانه ميستحقهاش، وإنتِ عارفه وأنا عارف والكل عارف إن كل حاجه بتحصل في حياتنا بأسباب، ولِ غيب إحنا مش مدرِكينه، ف يا ريت ما تزعليش علي اللِ حصل وتدي للموضوع قيمه لدرجة..

سكت بحزن وأنا برجع بنظري ليها، وكملت كلامي وقلت: 
_ لدرجة إنه يخليكِ... مش قادرة تقومي تواجهي ألمك، ضعفك اللِ أول مرة يتغلب عليكِ بالشكل ده.. حاولِ يا مليكه.. فشلتِ، حاولِ تاني.. فشلتِ تاني، حاولِ تالت، إنتِ مش جايه يروحي عشان تنجحي من أول مرة، ومش مطلوب منك كده، إنتِ جاية عشان تتغلبِ علي شهواتِك، شيطانِك، نفسك الأمارة بالسوء، والدنيا. 

مش فارقه كام مرة فشلت، إطلاقا مش فارقه، بس فارقه كام مرة حاولتِ، كام مرة قاومتِ، كام مرة إتغلبتِ علي ألمك، ضعفك، شيطانك، شهواتك، نفسك، حياتك، وملذات، الإختبار هنا، المُجاهده هنا. مش فارق عدد المرات اللِ خسرتِ بس فارق جدا عدد المرات اللِ إتعلبتِ فيها علي الخسارة، لإنك وبدون شك كُنتِ بتطلعي من كل مرة خسرت فيها بدرس إتعلمتيه، أو علي الأقل بمعلومه، يعني حتي في خسارتك إنتِ مش خسارانه إنتِ كسبانه.. إحسبها كده يا مليكه عشان هي بتتحسب كده واللهِ. 

وأخدت نفس عميق وڪأن طاقتي رجعت من جديد، وقلت بحماس أكبر: 
_ قومي يا مليكه، قومي يا حبيبتي، إنتِ أقوي بكتير من إنك تكوني في الحاله دي بسبب حاجه متستهلش تفكيرك مش حياتك يا مليكه.. 

قومي عشان مُراد أخوكِ، مُراد اللِ ملهوش غيرك، مُراد اللِ سافر بناءًا علي طلب منك عشان يكمل تعليمه ويبني نفسه عشان تكوني فخورة بيه، مُراد اللِ لو عرف إنك في الحاله دي هينزل وهسيب الدنيا تضرب تقلب وراه، قومي عشان مامتك الله يرحمها مكنتش هتحب تشوفك كده، قومي عشان تكملي مسيرتك وتكوني دكتورة شبه ما ڪُنتِ بتحلمي، قومي عشان... 

وإتنهدت بصوت عالي، وقلت بتعب: 
_ أنا محتاجك واللهِ يا مليكه. 

رفعت رأسي وبصتلها بهدوء، زي ما هيٰ.. 
مفيش أي حركه، أو أي إشارة. 

غمضت عيني بهدوء، وقلت بأمل: 
_ وما ذلك علي الله بعزيز... يارب. 

وفتحت عيني، وبصيت للدكتورة، وقلت بإبتسامه: 
_ مش عارف إن كانت سمعتني ولا لا، بس أتمنـ...

ملحتقش أكمل جملتي، 
لما مَليكة أخدت نفسها فجأءة بشكل كبير، 
حركت نظري عليها بسرعه، وأنا بقول: 
_ مليكه! 

بدأت تحرك رموشها براحه، وصوابع إيديها بدأت تحركها، 
والنبض وضربات القلب بدإت تستقر. 

_ الحمدلله، الحمدلله، الحمدلله. 
قلتها بأمل  وقربت من مليكه اللِ بدأت تفتح عيونها، 
والدكاترة كلهم كانوا بيرقبوا في صمت، 
الأوضه أصبحت هادية، والكل عنيه علي مليكه. 

فتحت مليكه عينها، وقالت بهمس وصل لِ قلبي قبل ما يوصل لِ ودني: 
_ أيهم! 

_ حبيب عيون ونبض قلب أيهم. 

بدأت ترمش بعنيها عشان تعتاد الإضاءة، 
وبعد ثواني فتحت عينها وهي بتمررها علي الوجوة بإستغراب وجهل من الوجوة والمكان. 

بصيتلي بهدوء، وحاولت تقعد، بس مقدرتش، قمت ساعدتها وهي كانت بتحاول تبعدني عنها، 
إتنهدت بضيق، ورجعت قعدت علي الكرسي تاني بعد ما عدلتها، 
وبدأ الدكاترة يراجعوا علاماتها الحيوية وصحتها، 
وأنا نظري عليها، بحاول أملي عيني بملامحها. 

كل دقيقه تبصلي بطرف عنيها بتوتر، 
طلع الدكاترة بعد ما طمنوني عليها، وقالت لي الدكتورة رحمه قبل ما تخرج: 

_ هي دلوقتي أفضل، بس أتمني تحاول تبعدها عن أي حاجه ممكن تأثر علي نفسيتها، ياريت تهتم بيها ومتخلهاش تتعصب أو لأي حاجه ممكن ترجعها للحاله دي. 

_ من النهاردة مليكة في نن عنيا، متقلقيش. 

_ دكتور أيهم! 

فقت علي صوت مليكه، إبتسمت بسخريه من جملتها، وقلت بهدوء: 

_ نعم يا مليكه؟ 

_ أنا عايزة أخرج، أنا مبحبش المستشفيات. 

_ بس إنتِ لسه فايقه من غيبوبة، وحالتك لسه مش مستقرة. 

هزت رأسها برفض، وقالت: 
_ لا، أنا كويسه. 

_ حاضر يا مليكة، هقول للدكتورة تكتبلك علي خروج. 

بعد ساعه 
دخلت ممرضه، وكانت معاها آكل لمليكه، 

_ يلا يا مليكه عشان تأكلي، إنتِ محتاجه طاقة. 

بصيتلي بتشنج، وقالت: 
_ أنا مش هأكل آكل العيانين ده. 

ضحكت وقلت: 
_ لازم تأكليه عشان إنتِ عيانه. 

هزت رأسها برفض تام، وقالت: 
_ محصلش والله ده أنا زي القردة أهو مفيييش حاجه. 

ضحكت بصوت عالي، 
وضحكت الممرضه علي مليكه. 

_ معلش ياقردة، أقصد معلش يا مليكه لاز.... 

ومقادرتش أكمل جملتي من نظرات مليكه الغاضبه، وضحك جامد عليها.

طلعت الممرضه، وقربت من مليكه، وأنا بقول بخبث: 
_ لو آكلتي الآكل ده كله هقول للدكتورة تكتبلك علي خروج، لكن لو مأكلتيش هخليهم يقعدوكي هنا لمده أسبوع. 

شدت مليكه الآكل وبدات تأكل بسرعه، 
ضحكت عليها بخفه، وحطيت إيدي علي رجلها، وقلت بهدوء: 

_ براحه يا مليكه، كُلي علي مهلك. 

هزت رأسي بهدوء، وهي بتبصلي ببراءة، 
إبتسمت علي ملامحها، وأنا براقبها وهي بتأكل. 

جميلة أوي الصراحه، 
شدني فيها جمالها الهادي 
وملامحها البسيطه بس مميزة 
وهدوءها الرقيق، وإبتسامتها اللِ زي القناصه بتصيب قلبي بدون مجهود. 

_ رايح فين؟ 
قالتها بخوف وهي شيفاني قايم من علي الكرسي، 

قربت منها ونزلت ل مستواها، وقلت بحنان: 
_ هروح أكتبلك علي خروج، وأجي. 

هزيت رأسها بتوتر، حطيت إيدي علي رأسها، وقلت: 
_ متخافيش، خمس دقايق وأكون عندك. 

خرجت ورُحت للدكتورة، 
كتبت لي علي خروج، أخدتها ورجعت لِ مليكه. 

كشفوا علي مليكه قبل ما تطلع، وكانت كل حاجه مستقرة، 
شلتها لإنها مكنتش قادرة تمشي... أو أنا اللِ بتلكك يعني. 

خرجنا، 
وقعدتها في العربية وأنا بعدل لها الكرسي، وقلت:
_ مرتاحه كده؟؟ 

بصيتلي بهدوء، وقالت: 
_ أيوة. 

قفلت الباب، وركبت جانبها، 
ومشيت. 

كانت مليكه سانده رأسها علي الكرسي، وعينها علي الطريق.. شاردة بس مش عارف في إيه. 

بصيت علي الطريق بتركيز. 

_ إحنا رايحين فين؟ ده مش طريق بيتي. 

_ لا ما هو من النهاردة  مكان ما أكون أنا هتكوني إنتِ. 

تعليقات