رواية بين انياب الاسد الفصل الرابع بقلم حسام العجمي
مرت خمس دقائق ، على ابتعاد خالد من المخزن و جاءت مكالمه الصوت أخيرا
الصوت : تمام ....اخدت الشنطة ...
خالد : معايا ...والأكياس تمام ...
الصوت : أنت فين ..
خالد : مستنى مكالمتك علشان أتحرك
الصوت : انت واقف ليه ...السواق ليه ما ممشيش
حكى خالد عن قتله للسائق الخاص به نظرا لطمعه بالحقيبة التى استلمها من المخزن دون ان يخبره بأنه قد اخذ الحقيبة الأولى , وصمت الصوت ليستوعب ما يحدث
الصوت : وهو فين الكلب ده
خالد : مرمى عند المخزن اللى كنا فيه بعد الرجالة التانيه ما مشيت
الصوت : طيب ركز معايا ...أنت على طريق الواحات المفروض ...بس أنا ما أعرفش فينك بالظبط ..افتح النت من التليفون اللى معاك ودور على طريق الفيوم ده أقرب حاجة ليك ... وأنا هتابعك ... تروح على البيت وهناك هكلمك ...قدامك ساعه ونص وتبقى هناك ...التليفون يفضل مفتوح ...اياك تقفله
بدا خالد فى التحرك ومن بعيد كان حكيم يتابعه وما أن خرجا على الطريق الرئيسي للفيوم حتى اشار خالد الى حكيم بالاقتراب مشيرا أليه بالصمت وعدم التحدث وأفهمه بما يجرى من متابعه له من خلال المحمول ثم ناوله الحقيبة الأولى مع السلاح الألى ثم أشار بحكيم بالإبتعاد عنه حكيم خوفا من أن وجود أحدا من الخاطفين يراقبه .
وما إن إقترب من مدينه السادس من أكتوبر إذا بالصوت يخترق سماعة أذن خالد : إنت فين دلوقتي
خالد بضيق : اول ستة اكتوبر
الصوت : تمام ، عند أول محطة بنزين هتقف في عربية مرسيدس بيضاء مستنياك هتمشي وراها لحد ما توصل بيتك وهتصل بيك لما تروح
بعد ساعة ونصف، وصل خالد الى الميدان الرئيسي لمنطقة بيته وقبل أن يدخل الى حارته نظر في المرأة فإذا بالسيارة التي كانت ترافقه وقد اختفت لينطلق المحمول معلنا تلقي مكالمة من ذلك الصوت .
الصوت : سيب التاكسي في الميدان وخد معاك الشنطة .
صعد خالد الى بيته وكان اذان الفجر قد اقترب فاستقبلته زوجته وقد بدا القلق الشديد على وجهها وما أن اطمأنت عليه حتى أحضرت له عشاءا خفيفا ثم جاءه الرنين مره أخرى
الصوت : عفارم عليك تسلم ايدك ...معلش بقى الأمورة نايمة دلوقتي ...الصبح هتكلمك انشاء الله ...هانت خلاص اربع تيام وترجع لحضنك
خالد بضراعة : كتير أوى كده
الصوت : ما تقلقش هيعدوا هوا ...على ما تخلص المأموريتين هتلاقيها جنبك .
إستسلم خالد لما يفرضه الصوت عليه وهي ليصلي الفجر وبعد أن أنهي صلاته
أمينة : مش هسألك بتعمل ايه ...بس طمني
خالد : الافضل ماتسأليش فعلا
أمسك خالد هاتفه المحمول متصلا بحكيم : أنت فين
حكيم متثائبا : روحت أنام شويه
خالد : الشنطة اللى معاك فيها ايه؟
حكيم : حاضر الصبح بقى أنا نايم ...أدخل أنت كمان نام
خالد : عايز تقنعني أن واحد زيك ومعاه شنطة ممكن يبقي فيها خير كتير بالنسبة له و ما فتحتهاش
حكيم وقد تغيرت نبرة صوته : تصدق فوقتني ...أستاذ خالد أنا يمكن نصاب وفيا عبر كتير بس مش خوان ...ثواني افتحها لك...فيها دولارات ...دولارات كتير ...نام بقي
واغلق الهاتف
فى اليوم التالى , ذهب خالد الى مقر عمله مبكرا والقلق مستبدا به ، فمنذ استيقاظه وهو يحاول الاتصال بحكيم عدة مرات الا أنه لم يجب عليه وما أن وصل الى المحكمة حتى التف جميع زملائه بالعمل والمحامين وبعض القضاة حوله ليطمئنوا على حاله وحال ابنته ودعوا له بقرب عودتها وما ان دخل الى مكتبه حتى استقبله زميلاه
فريد : ايه ده ...ايه اللى جابك..انت مش أجازه
خالد وهو ينظر اليه بشك : أحوال الناس مش لازم تتعطل يا فريد
زفر مسعد : يا عم أنت فى ايه ولا فى ايه
نظر أليه خالد بضيق : معلش ومتشكر على مجيتكم...الرسالة وصلتنى
مسعد :رساله أيه ؟؟ مش فاهم
نظر خالد اليه : رساله اخوتكم ليا
مسعد : مش فاهم ...أقطع دراعى أن كنت فاهم حاجه
فريد مقاطعا : طيب تمام ...ربنا يريح بالك ...هبقي أفهمك أنا يا مسعد ...سيبه بقى يخلص حاله ...
اقترب اليوم على الانتهاء ولم يستطع خالد الوصول إلي حكيم ودائما دون رد و عاد الى بيته وقد أيقن أن حكيم قد طمع بالدولارات وقرر أن يهرب بما وجده وتعاظم شكه تجاه حكيم أكثر فأكثر حتى أن سيناريو وضع الحقيبة بغرفة نومه قد بدأ يشاهد مشاهده وهي تجرى أمام عيناه.
أخذ خالد يؤنب نفسه علي سذاجته في التعامل مع حكيم و ما أن دخل بيته وقبل أن يجلس حتى دق جرس الباب فأسرع بفتحه فاذا بحكيم يقف أمامه مبتسما
حكيم : ازيك ...عامل ايه .....معلش أصل نومى تقيل حبتين
جذبه خالد الداخل : يخرب بيتك قلقتنى...أنت ولا عندك دم
حكيم مبتسما : عيب عليك
خالد : طمنى ..الشنطة
حكيم مبتسما :اتفضل يا سيدي و فيها لقيت خمسين ألف دولار
أصابت خالد المفاجأة من الرقم فهوى على أقرب كرسى بجانبه : أومال اللى معايا دى يبقى فيها ايه ؟
حكيم : أكيد بلوه سودا....زى اللى معايا و طبعا أنا ليا فيهم
خالد : اتنيل ...لما نشوف الأول
حكيم : طيب ..هتعمل ايه مع الناس اللى بعتوني ليك ...خللى بالك أننا حيا الله رسول ما أعرفهمش وكل اللى ليا عندهم ميت ألف جنيه لو أنت وافقت وجبت الورقة
خالد : أنا في ايه ولا في ايه ، سيبك منهم دلوقتي
حكيم : لا ماينفعش هما بيتصلوا بيا وأكيد متابعينك في الشغل علي الاقل
خالد بعد تفكير : عندك حق ...قولهم بنتي مختفية وشوف هيقولوا لك ايه
حكيم : تمام ...خللي بالك إني بضيع ميت ألف جنية كده
خالد : هعوضك بدالهم من اللي معاك
نظر له حكيم لثوان : لو كده يبقي تمام فعلا وانا كمان اجرت لى شقه جنبك هنا ، في العمارة اللي بعدك علي طول وقت ما ولاد اللذينا يكلموك قول لى و هتلاقيني وراك ... بس أنا فكيت ألف دولار منهم مصاريف متابعه وتأجير الشقة.
خالد ناظرا إليه : تمام كله من حسابك ..أتكل أنت دلوقتى وبينا تليفون
مع اذان العشاء جاءت المكالمة المنتظرة
الصوت: جاهز ...هتاخد الشنطة اللى معاك وتروح عند موقف المراكب اللى على كورنيش النيل الساعه واحده بالليل قدام السفارة الأمريكية وهناك هكلمك وطبعا مش هتنسي تسيب تليفونك
فى الموعد , وصل خالد إلي حيث طلب منه الصوت بعدما أبلغ حكيم بفحوى المكالمة واتفقا على المتابعة كالليلة السابقة.
الصوت : أنزل ..فى مركب اسمها الحلوة، هتركبها و سيب الخط مفتوح والسماعة فى وتجيب اللي هتاخده معاك
أطاع خالد الأمر وانطلقت المركب داخل النيل يقودها صاحبها الذى لم يتفوه ببنت شفه الى أن وصل الى مكان بالقرب من القرية الفرعونية
توقف المركب فى منتصف النيل بعد أن أعطاه المراكبي صناره لتوحى الى من سيمر بجانبهما سواء كان مركب خاص أو لنشا لشرطة مسطحات بأن من يركب الحلوة من هواه الصيد الليلى.
فى حوالى الثالثة صباحا اقترب منهما لنشا حتي توقف بجوار الحلوة و اذا برجلا بدينا يرتدى قناعا
يمد يديه وبصوت أجش : هات الشنطة اللى معاك ...بسرعه
مد خالد الحقيبة إليه واستطرد الرجل : ثوانى
ثم ناوله صندوقا صغير الحجم يشبه صناديق المجوهرات وله قفلا رقميا .
انطلق اللنش مبتعدا وبدأت الحلوة هي الأخري في رحله العودة على مهل وكأن قائدها متعمدا أن يتباطأ في الوصول
خالد متسائلا : ما أشد حيلك يا ريس أنت ماشي علي مهلك ليه كده
نظر له المراكبي دون أن يرد عليه ، تملك القلق من خالد أكثر وهو يري تصميم المراكبي علي السير ببطء وسط هذا الظلام الذي لا ينيره سوي ضوء لمصباح صغير معلق بعريشة المركب .
خالد بغضب : هو في ايه يا أسطي احنا هنقضي ليلتنا هنا ما نعم شوية
واخيرا نطق المراكبي : معلش يا افندي المركب بتاخد وقت علي ما تسخن بعد كل الوقفة اللي وقفتها دي ..بس ممكن تناولني المنافلة اللي جنبك دي احاول اشهل الماتور
نظر خالد فإذا بعامود إدارة المحرك علي بعد مترين منه فعلا فهب كي يحضرها وما إن وصل إليه و انحني للامساك به حتي لمح خيال المراكبي يقترب منه ببطء كأنه يتسلل.
التفت خالد بسرعة فإذا بالمراكبي يهجم عليه و في يده سكينا طويلا يسددها الي صدر خالد .
مال خالد بجذعه إلي الوراء فطاشت ضربة المراكبي الذي مال بجسده الي الأمام وقبل أن يستعيد توازنه أمسكت يد خالد اليسري يد المراكبي لتي تحمل السكين بقوة جاذبا إياه نحوه ومع اعتدال المراكبي سدد له خالد ضربني رأس قويتين وقبل أن يتألم عاجله خالد بلكمة قوية بيمناه جعلت المراكبي يترنح ويفقد توازنه.
حرر خالد يد المراكبي قبل أن يسقط معه و وقف متأهبا فوق سطح المركب منتظرا وقوفه إن هي إلا ثوان حتي استعاد المراكبي توازنه ووقف ممسكا بسكينه
خالد : ليه
المراكبي : ليه ايه
خالد : ليه بتهاجمني
المراكبي : الأوامر كده أهاجمك وأخد منك الصندوق
خالد : أوامر مين
المراكبي : احنا هنتساير...
وهجم المراكبي بعزم ما فيه مطوحا بالسكين في وجه خالد الذي لم يمهله وبحركة من حركات لعبة الملاكمة تفادي خالد الضربة إلا أن المراكبي هذه المرة لم يفقد توازنه كالمرة السابقة فأسرع بالالتفات الي خالد مرة أخري الذي تذكر أن عامود إدارة المحرك لا زال في يده فما إن استدار المراكبي حتي سدد له خالد ضربة قويه بعامود الإدارة كان نتيجتها صرخة ألم قوية مع خروج نافورة من الدم وشعر المراكبي أن عيناه تظلمان وكان الليل قد عاد يسدل أستاره ثم أخذ يطوح يديه في الهواء محاولا أن يمسك بأي شي ثم فجأة اصطدم بصاري المركب ليفقد اتزانه تماما ويسقط في ماء النيل.
اسرع خالد الي الرجل قبل أن يغرق ممسكا به من جلبابه ساحبا إياه مرة أخري إلي سطح مركبه ثم قام بعدها بتقييده وبعدها بدأ في قيادة المركب حتي وصلا الى الشاطئ وقد قاربت الشمس على الشروق.
عاد خالد الى بيته ينهشه القلق مما قد يحتويه هذا الصندوق وهو يفكر في سبب محاولة قتله من المراكبي
خالد : يا تري الخاطفين هما اللي أمروه بكده ولا حد تاني
أمسك خالد هاتفه فوجد أكثر من عشرين اتصال من حكيم على هاتفه المتروك بالبيت فاتصل به
حكيم بلهفة شدة : ايه الأخبار ...أنا ما عرفتش أتابعك للأسف.... بصراحه تهت منى وما كانش ينفع أخد مركب وراك ...ولاد القردة شكلهم وواعيين أوى.
حكى له خالد ما حدث وبأن عليه أن ينتظر أتصالا جديدا لمعرفه الخطوة القادمة مقررا أن ينام ساعتين حتى يستطيع أن يذهب الى عمله صباحا لتوزيع العمل وحضور بعض الجلسات المهمة واتفقا ان يتصل به عند الضرورة .
فى منتصف النهار جاءته المكالمة المنتظرة
الصوت : الله ينور عليك هانت خلاص ...ومكافأة ليك أمنيه هتكلمكم على الساعه 8 تكون روحت
خالد : أنا خلاص تعبت ...شوف عايز ايه بقى وخلصني..كفاية كده ...أنا هتجنن اسمعني أنا
الصوت : بالليل هقول لك
خالد : شغل ليل تانى ...أنا كده بنهار
يضحك الصوت : قلنا هانت ...كلها مأموريه واحده وبنتك ترجع وفى ايديها ربع مليون جنيه كمان هدية
خالد : انا مش عايز فلوس...أنا عايز بنتى بس ...أرجوك
الصوت : مش هاقاوح معاك واضح انك راجل فقرى ...الفلوس هتجى لك وتنفعك بدل ما أنت عمال تشحت علاج أختك من هنا وهنا وعلى العموم انت ومزاجك انشاء الله تولع فيها...سلام
أغلق الصوت الهاتف وقد استبد بخالد القلق فالصوت لم يذكر أي شئ عن محاولة قتله من المراكبي
خالد : يبقي المراكبي كده تبع اللي سلموني الصندوق
أمضى خالد يومه ثم عاد الى البيت منتظرا المكالمة الليلية وقد هيأ نفسه لمأمورية جديده .
فى تمام الثامنة أتصلت أميرة لأكثر من عشر دقائق ظلت الأم تتحدث الى ابنتها ثم بعدها تحدث الصوت الى خالد
الصوت : شوف بقى ...بكره أجازه مافيش شغل ...ولا مأموريه حتى
خالد مندهشا : والبنت ...ما تخلص بقى تعبنا...
الصوت وكأنه لم يسمع شيئا : بعد بكره هتفضى لى نفسك على الساعه عشره الصبح ساعتين تلاته كده نخلص اللى بينا وتستلم بنتك ...تمام ...بكره بالليل زى دلوقتى أميرة هتكلمكم.
على الساعه العاشرة مساءا ... وصل حكيم الى بيت خالد
حكيم : فى حاجه جديده.
خالد : لا أجازه الليلة وبكره كمان
حكيم : طيب معلش ..الناس اللى باعتني بيسألوا ...هتعمل ايه ...ولازم رد ضرورى الجلسة قربت ....يا أه يا لأ
نظر له خالد بإمعان ولم يرد
حكيم : أنا مش قادر أصدق واحد فى ايده يبقى معاه مليون جنيه ...تمن حته ورقه ...والناس التانيه ربع ...يعنى أنا بأتكلم مع مليونير ...ما تخلص يا عم
خالد بهدؤ: قبل ما جاوبك ...هسألك سؤال ( انتبه حكيم ) بتساعدنى ليه ؟؟ هتكسب ايه ؟؟أنت بتضيع ميه الف جنيه ليه
يبتسم حكيم : مش هقول لك أصلى عايز أنضف ولا أنى جدع ولا أى حاجه رومانسية من بتوعكم دول ....الموضوع فى الأول كان أنك وبنتك صعبانين عليا ...لأن أنا نفسى اتخطفت زمان من أهلي ووصلت للي أنا فى دلوقتي ...بسبب اللى خطفوني ..بس بعد ما أخدنا الدولارات وأنت قلت هتدفع لى كمان وتعوضني مبقاش فارق معايا الناس اللى باعتني ما أنا كده كده واخد ...يبقى أخد على نضافه ...يمكن ربنا يكرمني فيهم
خالد : مش عارف أصدقك ولا أكذبك في حدوته فيلم فيروز هانم دي.. ..يا مزور ( ويبتسم )
حكيم : مش هتفرق معاك ...أكيد الحدوتة دي ليها اخر ( ويضحك بصوت عالي ) وساعتها هتكتشف أنى نصيت عليك بجد وكمان بعرف أمثل ..ايه رايك فى حتتين الحزن دول ...اتخطفت وكده ....المهم ...أرد عليهم بإيه
خالد : بكره هرد عليك
حكيم : اشمعني بكره يعني
خالد : بكره يا حكيم ...وياللا بالسلامة بقى عايز أنام
دخل خالد غرفته لينام فعاجلته أمينه : أنا مش عارفه أنت بيجيلك نوم ازاى
ابتسم خالد : قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا
أمينه : ونعم بالله ...أنا هموت لو بنتى ما رجعتش يا خالد ( تبكى )
يحتضنها خالد : ربنا كبير ...واحنا عمرنا ما أذينا حد ..ياللا علشان ننام شويه ...أنا محتاج أنام بجد
أمينه : ازاى يعنى هتنام عادي كده
خالد : لازم ذهني يصفي شوية ( ثم صمت لثوان ) فى حاجه مش مضبوطة ...حاجه ناقصة ...محتاج استريح علشان أفهمها ... وربنا يلهمنا الصح علشان نعرف نفكر كويس ...ونواجه اللى بيجرى لنا ...وانتي حاولى تنامى
أمينة بصوت واهن : ولا هعرف
رقد خالد علي السرير : روحتم جلسه الغسيل النهارده
تنظر اليه أمينه : ما تقلقش أخوك جه و أخد أختك الجلسة
فى الصباح استيقظ خالد فى موعده وقد بدا على وجه شئ من الارتياح وبعد ساعتين من وصوله الى مقر عمله.
باغته مسعد بالسؤال : أخبار بنتك أيه ؟؟
خالد : لسه ...ربنا انشاء الله هيردها بالسلامة
وتدخل فريد : وهتعمل ايه فى جلساتك بكره
نظر اليه خالد وقد دق ناقوس الشك فى صدره بشده : اشمعني بكره يعنى اللى بتسأل عليه ...؟؟
تلجلج فريد : مش ...مش ...المستشار زياد ميعاده معاك بكره وهو ما بيشتغلش غير معاك وكان في ميعاد بينكم قبل ما يطلع الإجازة
أطال خالد النظر اليه وكأنه يريد أن يغوص داخل أعماقه ليفتش عن مغزى السؤال أهو عارض أم مقصود : سيبها على الله ...( ثم وقف ) عن أذنكم هاروح أصلى الضهر
وبعد خروجه مسعد : أنت حمار ....حد يسأل كده ...
فريد : يا عم المصلحة هتروح ...
مسعد : مش كده ...مش كده اتلم شويه
أنهى خالد صلاته وظل جالسا بالمسجد يفكر فى كل ما يجرى معه ويحلل كل مشهد مر به وكأنه يشاهد فيلما سينمائيا ولم يستطع الوصول الى أى استنتاج قد يساعده فكل من حوله حكيم وزملائه ورجال المنزلاوى مشتبه بهم الى أن وصل لذكر فريد اسم المستشار زياد فخبط رأسه بيده : أزاي ما فكرتش فيه ...ونظر حوله فلم يكن هناك بمسجد المحكمة سواه وثلاث مصلين يصلون جماعه ففتح هاتفه واتصل بالمستشار زياد الذى تنتهى اجازته اليوم
زياد : ازيك يا خالد ...أخبارك ايه ...قلبي معاك ...سمعت أن بنتك اتخطفت
خالد مضطربا بعض الشئ : ربنا يخليك ...بس أنا بكلمك علشان موضوع تانى مهم
زياد : خير انشاء الله
خالد : حسن المنزلاوى ...عايزنى أسحب له ورقه مهمه من الملف بتاعه
زياد ضاحكا : جه فى حاره سد ...ما يعرفش بيتعامل مع مين
خالد : المهم ...انا قلت ابلغ حضرتك ...أحسن يحصل لى حاجه على الأقل تبقى عارف
زياد : هو الملف بتاعه فين
خالد : أنا كنت شايله لحاله فى درج مكتبى ...
زياد : طيب تمام ...أشوفك الصبح ...أنشاء الله وربنا يطمنك على بنتك
خالد : تسلم يا خالد بيه
عاد خالد الى بيته وتلقى مكالمه ابنته
الصوت : الصبح الساعه عشره الصندوق يبقى معاك ...وهكلمك أقول لك تعمل ايه
خالد : بس أنا لازم أروح المحكمة بكره فى ملف مهم لازم اسلمه
الصوت : ماليش فى ملفاتك ...وجلساتك ...الساعه عشره تبقى فاضى لى وخلاص
خالد بتردد : حاضر
الصوت : ده أخر مأموريه بينا ...عديها على خبر علشان الكل يستريح
صمت خالد قليلا ثم اتصل بحكيم : بكره تمانيه ونص تستنانى على القهوة اللى قدام المحكمة
حكيم : هنعمل ايه
خالد : الصبح هتعرف ..بس عايزك تجيب كل حاجه وأي حاجه من عدتك اللى بتستخدمها
حكيم : العدد كتير ...فى تطفيش خزن...فتح بيوت ...تزوير...قتل لا مؤاخذه ...السوبر ماركت عندي مليان
خالد بقوة : اتلم أنا مش ناقص هزارك السمج ده ...جيب كله ...انا ما أعرفش هعوز منك ايه أصلا
لأكثر من ساعة ظل خالد صامتا وقد تحول شكه بأن هناك شيئا غامضا الي يقين تأكد
خالد محدثا نفسه : في حاجة مش واضحة غامضة ...الصورة غير مكتملة
ظل يراجع الأحداث مرات ومرات فعقله يرفض أن يكون كل ما يحدث مع من قبيل المصادفة ...طلب سحب الورقة ثم خطف ابنته ...لا يمكن أن يكون مصادفة ...هناك رابط ...لكن اين ..؟؟؟ حكيم ...فريد ...مسعد ...من ؟ ولماذا غدا ؟ وبعد طول تفكير جاءته اجابه اقتنع بها وان لم يتيقن أنها صحيحه ... المستشار زياد هياخد الملف بكره لدراسته ...نعم ...وهب خالد من مكانه وبدأ يدور داخل غرفته
خالد : صح ....أنا صح ...الورقة هتطلع بكره ...وأنا لازم أبقى بره المحكمة ...الاتنين مع بعض ...المنزلاوى ورا كل اللى بيجرا لى .....بس مين بيساعده ...مين؟؟؟ مسعد ؟؟؟فريد ؟؟؟ ولا الاتنين ؟؟؟ طيب يمكن حكيم ؟؟؟ مش يمكن التلاته ؟؟؟يارب... يارب
جلس مره أخرى وأعاد مراجعة المشاهد مره أخرى وقد أيقن أن خروجه خارج المحكمة هو طرف الخيط فاتصل مره أخرى بحكيم
خالد : سبعه ونص تكون عندي فى المحكمة ...سامع سبعه ونص
تبرم حكيم الا أنه انصاع الى أمر خالد موافقا
فى صباح اليوم التالى وقبل وصول زملائه و فراغ المحكمة تقريبا من العامة ، دخل خالد الى مكتبه وسحب الورقة المطلوبة منه ثم أسرع بالإتصال بحكيم الذى كان متواجدا بالفعل خارج مبنى المحكمة كما اتفقا أمس فخرج خالد له مسرعا
خالد : دى الورقة اللى أنت عايزها ...
حكيم مندهشا : ايه سلمت ...هتسلمها لهم ...
خالد : اتنيل ...تعالى معايا
ودخل كلاهما الى ركنا بعيدا بالقهوة حتى لا يلاحظهما أحدا
خالد : اضرب لي العقد ده بالتوقيع والتواريخ (نظر له حكيم وهو لا يفهم) ياللا مستنى ايه ..ورينى شطارتك ...مش عايزه يفرق عن الأصلي ...أدى صوره طبق الأصل من عقد زيه بس فاضي
لنصف ساعه ظل حكيم يتدرب على التوقيعات الموجودة بالعقد الاصلي على ورق خارجي وأخيرا أنهى العمل المطلوب منه على أكمل وجه مستعينا بكل خبراته وأدواته وأختامه الحكومي التى أذهل تواجدها بين يديه خالد.
حكيم مبتسما : تمام كده ...اتفضل ...هتعمل ايه
خالد متجاهلا السؤال : هتخليك هنا ... النمرتين دول تتصل بيهم على الساعه تسعه ونص وتبلغ اللى هيرد عليك أنى خارج رايح المشوار...العقد الأصلي يفضل معاك ..( ناوله العقد الأصلي ) ...حكيم ...الورقة دى فيها عمرى أرجوك و عمر بنتي
حكيم مبتسما وهو يضع العقد بين أشيائه : ماتخافش يا عمنا عيب عليك ( مبتسما ) ده انا هاجري علي رجالة المنزلاوي و أقبض تمنه
نظر له خالد معاتبا دون أن يعلق عليه
حكيم ممسكا بكتفه : ما تقلقش ....بس مين صحاب النمر دول..؟
خالد متجاهلا السؤال: تسعه ونص ...لا قبل ولا بعد
زفر حكيم من الضيق: مش طريقه دى على فكره تعاملنى بيها ....أنا ابن ناس برضه
اشاح خالد فى وجهه وانطلق مسرعا الى مكتبه حتى يضع الورقة الجديدة بدلا من الأصلية بالملف فقد قاربت الساعه على الثامنة والربع وهو الموعد اليومي لوصول زملائه الى المكتب الا أنه لم يجد أيا منهما قد وصل بعد فحمد ربه .
وفى تمام التاسعة، وبعد وصول زميلاه اللذان فوجئا بوجوده مبكرا , دخل المستشار زياد مكتبهم وبعد التحيات و طلب احضار ملف المنزلاوى من خالد الى مكتبه
زياد : اتفضل إنت يا خالد ...ربنا يطمنك على بنتك وترجع لك بكره بالسلامة ... دلوقتى أنا عندى محكمه ...وهقعد بعدها أدرس القضية على الساعه واحدة بعد ما خلص ...أنا هخللى الملف هنا في مكتبي بعد ما أخلص ...أمان أكتر ...ما تضمنش المليون جنيه دى تخللي الأخ يبيع أخوه
نظر خالد اليه بحزن : فعلا عندك حق ...هستأذنك بقى أستعد لمشواري الأخير مع الخاطفين
عاد خالد الى مكتبه الذى لم يكن به سوى مسعد : يا عم خالد ...ما تخلص بقى
هب خالد من مكتبه وتوجه اليه : أخلص ايه ....انطق
مسعد : إنت عارف ...خلص وهات الورقة ورجع بنتك ...كفاية عناد بقي
والتفت خالد الي مسعد و قد اشتعلت عيناه غضبا و أحمر وجه حتي صار كجمرة نار .
