رواية فوق جبال الهوان الفصل الثامن والخمسون 58 بقلم منال سالم


 رواية فوق جبال الهوان الفصل الثامن والخمسون 

بمجرد أن فُتح الباب على مصراعيه، فقدت اتزانها فجأة، وانطرحت أرضًا، لتستند على كفيها حتى تتمكن من رفع جسدها، استطاعت "سنية" من موضعها أن تدرك خطورة المأزق الذي وقعت فيه جراء اندفاعها، فيما أضاء "غيث" إنارة الغرفة ليتمكن من رؤية نظرة الرعــب التي اعتلت عينيها حينما التقت نظرته الصارمة والمتوعدة بخاصتها. هسهست في تلعثمٍ، وبخوفٍ عظيم، وبما يشبه الاستجداء:
-سيدي "غيث".
سدد لها نظرة أكثر إرعابًا، جعلت كامل جسدها ينتفض، خاصة وهو يسألها بنبرة اتهامٍ صريحة:
-بتعملي إيه عندك يا بت المركـــوب؟
تعذر عليها إعمال عقلها والبحث عن كذبة ملائمة تقنعه بأسباب تسللها إلى غرفته ليلًا، تقطع صوتها وهي ترد:
-أني.. أني...
كانت كالكتاب المفتوح أمامه، قادرًا على تبين كذبها وملاوعتها المكشوفة، فبادرها بالهجوم اللفظي المهدد وهو يقبض على ذراعها ليجبرها على النهوض ومواجهته:
-عتتجسسي على سيدك في أنصاص الليالي؟
هتفت نافية التهمة في فزعٍ حقيقي:
-وربنا المعبود ما حُصل.
فيما وقفت "دليلة" في الخلف تتابع ما يدور كالمشاهد، عاجزة عن كشف السر وراء تسللها الخفي ليلًا. استمر "غيث" في تحقيقه مع خادمته متسائلًا بحدةٍ وهو يهزها من ذراعها القابض عليه بخشونةٍ:
-أومال إيه يا بت المحـــروق؟ انطجي!
طأطأت رأسها في خزيٍ وهي تخبره:
-أني.. أني كنت...
وقعت عيناه على ذلك الشيء الذي تلف قبضتها حوله، فسألها مستفسرًا:
-وإيه اللي في يدك ده؟!!
اشتدت قبضتها عليه، كأنما تخشى أن يرى ما تضمه راحتها، قبل أن تديرها خلف ظهرها، وهي تهتف في توجسٍ أكبر:
-هـــه، ده آ... ده آ...
صاح بها آمرًا:
-هاتيه.
رفضت إطاعته ارتياعًا من ردة فعله، والتي لن تكون بأي حالٍ من الأحوال محمودة على الإطلاق، مما اضطره لجذب ذراعها الآخر، وأخذه قســرًا منها، لينظر إليه مدهوشًا، ولسان حاله يتساءل في تحيرٍ:
-إيه ده يا مخبلة؟
تبين فحواه بعد تدقيقٍ سريع، ليدرك خطورة ما كانت تحاول دسه في الظلام داخل غرفته، ليصيح بها في غيظٍ وغضب:
-بتحطيلنا عمل يا بت الـ......؟!!
دفعها بقســـوة للخلف وهو يتوعدها بلا رأفة:
-وجعة أهلك سودة.
انهارت جاثية على ركبتيها، وأمام قدميه تستجديه بعدما انفـــجرت في بكاءٍ حارق:
-أحب على يدك يا سيدي "غيث" ترحمني لوجه الله.
اشتدت قبضته على ذلك الشيء اللعين، ومــد يده الأخرى ليمسك بعنق خـــادمته الخائنة ليسحبها منه هاتفًا في غضبٍ ووعيد:
-انجري جدامي يا جالوس الطين، هنجطعوا فرطك من الدنيا بحالها!
حاولت المناص منه، واستعطاف زوجته المصدومة كليًا مما يدور، لعلها تحمل في قلبها ذرات الرحمة، فتشفق على حالها، وتنجيها من شره المستطير الذي ينتظرها:
-الحجيني يا ست "دليلة"، أحب على رجليكي، عيموتوني، وأني محجوجالك.
ارتاعت "دليلة" من فكرة تعرضها للإيــذاء البدني على يده، فسألته وقد دنت منه:
-"غيث"، إنت هتعمل معاها إيه؟
التفت ناظرًا إليها وصائحًا بعنادٍ وتصميم:
-تلاتة بالله العظيم ما أني سايبها إلا لما أعرف مين واد الحـــرام اللي جالها تعمل إكده.
همت بالاعتراض عليه مبدية شيئًا من التعاطف مع الخادمة المذعورة:
-بس آ...
أشار لها بإصبعه ليُسكتها مرددًا بلهجته الحازمة:
-ملكيش صالح بالحديت ده، وخليكي إهنه، وأني عتصرفُ معاها.
حاولت الدفاع عنها قائلة:
-هي ممكن تكون غلطت، بس بلاش تأذيها.
لكنه ظل على قســـاوته موجهًا أمره غير المردود لها:
-اجفلي الباب عليكي.
نبرته الصارمة، ناهيك عن نظرته القاسية جعلتها تكف عن مجادلته، فأذعنت له مرددة في طاعة، وعلى مضض:
-طيب.
لتشعر الخادمة بسوء عاقبة إتباعها لأوامر "أحلام" في الخفاء، فلن تنجو حتمًا هذه المرة من الهلاك.
راقبت "دليلة" زوجها وهو يجرجر الخادمة ويدفعها قبالتها في مهانةٍ واضحة قبل أن ينعتها بغلظةٍ:
-انجري جدامي يا واكلة ناسك!
ظلت "سنية" تتوسل عاطفة إنسانية باتت غير موجودة فيه:
-أحب على رجليك يا سيدي البيه، توبت وربنا المعبود، والله ما هتنيها تاني.
وجثت مجددًا على ركبتيها قبالته، تريد تقبيل حذائه، كوسيلة مستهلكة للتأثير عليه، إلا أنه كان أبعد ما يكون في تلك اللحظات عن الرأفة أو الرحمة، فهددها علنًا:
-لا تاني ولا تالت، جومي على حيلك بدل ما أسحــلك، ولا هيفرج معايا إنك حُرمة.
راحت تولول وتندب سوء حظها العاثر الذي أوقعها في شر أعمالها، وعليها الآن أن تتحمل جريرة ما اقترفته يداها.
.............................................
المال سلاحها الوحيد لتنفيذ كافة رغباتها مهما تكلفت، ولم تكن لتبالي أبدًا إن خسرت كل ما تملك في سبيل نيل مطالبها. بعدما وسوس لها شيطان رأسها بهذه الفكرة الخبيثة، أرسلت "أحلام" خادمتها المطيعة إلى واحدة من النساء المشعوذات،  ممن لا يتورعن عن إيذاء الأبرياء من خلال ممارسة السحر، وكتابة طلاسم غامضة تودي بالشخص المعني إلى الهلاك الحتمي. 
ما إن أحضرته "نعمة" لها حتى أمرتها بالذهاب فورًا إلى قصر "غيث" وتسليمه إلى "سنية" التي من المفترض أن تتولى مهمة دسه سرًا في فراش الزوجين للتفرقة بينهما، وانتظرت على أحر من الجمر سماع الأخبار السارة.
فركت "أحلام" كفيها معًا، ونظرت إلى العتمة السائدة في الأرجاء خارج نافذتها، لتتساءل بصوتٍ يعبر عن مدى تلهفها لسماع ما يبرد النيران المستعرة في صدرها:
-لسه مافيش خبر من البت "سنية"؟
هزت "نعمة" رأسها بالنفي وهي تخبرها:
-لع يا ست "أحلام"، هي وجت ما تخلص عتكلمني.
همهمت في توجسٍ وهي تسير بخطواتٍ بطيئة عرجاء عائدة إلى فراشها لتجلس عند طرفه:
-إياكش تفلح وتدينا البشارة.
................................................
لم يحتج إلى المزيد من الجهد لسحب الاعتراف منها، بل وأكثر مما كان يتخيل، ليأمر تابعه "وهدان" باحتجازها في المخزن الصغير الملحق بالقصر، والمخصص لتخزين الكراكيب والمنقولات غير المستخدمة تمهيدًا لمعاقبتها لاحقًا. 
صعد "غيث" الدرج على مهل ليعود إلى غرفته وهو يكاد لا يصدق النوايا الخبيثة التي كانت ولا زالت تدبرها ابنة عمه لتعكير صفو حياته وإفساد فرحته عليه. غامت تعابيره، وشرد في أفكاره الغاضبة ليستفيق على صوت والدته المتسائل في دهشةٍ مستنكرة:
-بــاه، بتعمل إيه يا ولدي السعادي؟
توقف في مكانه على الدرج قائلًا بوجهٍ واجم التعبيرات:
-مافيش يامه.
سألته في استرابةٍ وهي تتفرس ملامحه:
-في حاجة حصلت مع مَرَتك؟
أجابها نافيًا:
-لع، هي زينة.
سألته كأنما تتأكد مما يساور نفسها من شكوك بعينها:
-لساك واخد على خاطرك من اللي "أحلام" بت عمك عملته؟
قست عيناه على الأخير بمجرد الإتيان على ذكرها، ليصدق حدسها تجاهها، فأردفت مبررة بما يشبه الدفاع عنها:
-إنت خابر العوايد إهنه، والناس مالهاش غير الظاهر وآ...
سئم من التطرق لمثل ذلك الأمر المزعج، الذي كلما تذكره أفسد عليه مزاجه، وقاطعها في صبر نافد:
-بكفاياكي يامه عاد.
نظرت إليه في قلقٍ، فتابع بغموضٍ مريب استرعى انتباهها أكثر:
-أني طالب منك طلب.
بلهفةٍ واضحة في نبرتها قبل تعبير وجهها وكذلك نظرتها علقت:
-جول يا ولدي.
مال عليها ليهمس في أذنها بشيءٍ ما، فجعل سِحنتها إلى حدٍ ما تعبس؛ لكنها لم تستطع معارضته، فقد بدا محقًا في مطلبه، لتقول في إذعان مستسلمة لأمره:
-اللي تعوزه يا ولدي هيتم بعون الله.
..............................................
بعدما فرغ من الحديث إلى والدته، اتجه إلى السطح ليختلي بنفسه، فقد بدا من المستحب إليه أن يبتعد عن تأثيرها الذي يثير في نفسه الرغبة والشوق، إذ ربما تنطفئ جذوة مشاعره، ويعود إلى جموده، خاصة مع اقتحام طيفها لعقله وهي متألقة في منامتها الحريرية البيضاء، وتستند على صدره باحثة عن الأمن والأمان معه. 
لحظات اقترابهما الحميمية المحدودة كانت تصيبه بالجنون، تشعل فيه الرغبة، وتحفز خلاياه بشدة، فكيف يمكنه الصمود أمام سحرها الطاغي والتعامل معها ببرود؟ نفخ الهواء ببطءٍ، واستند على السور الحجري ساحبًا شهيقًا عميقًا على أمل أن يثبط ما يعتمل نفسه من صراع ورجاء.
كم ودَّ لو سارت ليلتهما عكس ما حدث اليوم، إذ ربما لاستحال الوضع إلى شيءٍ يجمع ما بين الحلم والخيال. 
انتظر بالأعلى إلى وقتٍ لا بأس به، ثم قرر أخيرًا العودة إلى غرفته، آملًا أن تكون قد استغرقت في نومها، فلا يضطر لإخبارها بما علم. فتح الباب بحذرٍ متوقعًا أن تكون مستلقية على الفراش، وما أجمل رؤيتها ساكنة به! إلا أنه كان فارغًا، فانقبض قلبه، وولج إلى الداخل مندفعًا في قلقٍ، سرعان ما سكنت مهاجه، وهدأت أنفاسه عندما وجدها جالسة على الأريكة، تضم كفيها في حجرها، ورأسها مطروح للخلف.
أغلق الباب بهدوءٍ، وحرك القفل ليوصده، ثم سار صوبها يناديها بخفوتٍ فتنبه إلى وجوده: 
-"دليلة"!
كانت مطبقة لجفنيها، على ما يبدو غفلت وهي تنتظر عودته، فكرر ندائه الهامس:
-"دليلة".
إلا أنها ظلت على حالتها الغافية، فمال ناحيتها، ومرر ذراعيه حول جسدها ليحملها برفقٍ. عندما استندت برأسها على كتفه، اضطربت دقات قلبه، وخفض من عينيه ليتأمل سكونها المغري عن قربٍ، رغمًا عنه ألحت عليه رغبة متشوقة لتذوق رحيقها، فانحنى بشفتيه على وجنتها الدافئة ليطبع قبلة صغيرة على بشرتها الناعمة، ثقلت أنفاسه، وهمهم مرددًا مع نفسه في رجاءٍ:
-مِيتى تفتحي جلبك ليا يا بت الناس؟
اتجه بها نحو الفراش، وأسندها عليه برفقٍ، ثم سحب الغطاء عليها ليدثرها، ومع ذلك لم يستطع مقاومة رغبة البقاء بجوارها، فاستراح على طرف الفراش ناظرًا إليها بنظرة مفعمة بالحب والافتنان، وصوته الهامس يتمتم:
-يا ريتنا نفضلُ جار بعض طول العمر.
ظل على وضعيته تلك يتأملها بهيامٍ إلى أن سقط في سبات عميق مستمتعًا بموجة الدفء التي اجتاحته بقربها الذي لطالما نشده ورجا حدوثه.
.........................................
مضى الليل ثقيلًا عليها، كانت تعد الدقائق حتى يبزغ الفجر، وتسطع شمس نهار اليوم، لتتهيأ للذهاب إلى قصر عمها في هذه الساعة المبكرة، غير مكترثة باعتقاد ساكنيه في قدومها المريب في مثل ذلك التوقيت العجيب، متعللة بأنها جاءت للمساعدة في ترتيب المكان بعد فوضى زحام الأمس، وكأنها الابنة البارة للعائلة المشهود عنها بحبها لعمل الخير. حاولت "نعمة" إقناعها بتأخير زيارتها في شيءٍ من الرجاء، خاصة مع شعورها المتزايد بالتوجس جراء تعذر تواصلها مع "سنية":
-خلينا نستنوا للضحى يا ست "أحلام"، عيظنوا فينا ظن عِفش واحنا عنطبوا عليهم بدري إكده.
صاحت محتجة في عنادٍ:
-وأني رايحة لمكان غريب؟ ده جصر عمي، يعني كأنه بيتي، أفوت عليه وجت ما يجيني مزاج، وأني عجولهم جاية أساعدهم.
كانت تتحدث بمنطقية وبحجج قوية، لذا لم تتمكن من الجدال معها، ولاذت بالصمت، لتسألها "أحلام" في وجومٍ:
-لساتها البت "سنية" ماتحدتتش في التلافون؟
أجابتها بقدرٍ من القلق:
-أني معارفاش أوصلها من عشية.
كزت "أحلام" على أسنانها في غيظٍ، وهسهست:
-كنها معرفتش تحط العمل ليهم.
لترد عليها "نعمة" بشيءٍ من المنطقية:
-ما هي لو كانت فلحت كان زمانها اتصلت وجالت، وخدت الحلاوة كمان.
تصاعدت الدماء وفارت في عروق "أحلام" لتهتف في حنقٍ:
-وطبعًا بت البندر غرجانة في العسل وأنى إهنه بتحــرق بناري...
لتصيح في عزمٍ وهي تسحب ملحفتها لترتديها في التو:
-والله ما أفوتها تتهنى، بينا أوام.
تحركت خادمتها من ورائها مرددة في توجسٍ:
-استرها يا رب.
..................................................
كان من عادته أداء صلاة الفجر حاضرًا في مسجد البلدة، والعودة بعدها إلى القصر ليرتاح قليلًا، قبل أن يباشر أعماله؛ لكنه هذه المرة تلكأ من أجل الحديث منفردًا إلى شقيقه، حيث قصَّ عليه ما بلغه من تصرفات مشينة قامت بها خادمته بناءً على أوامر "أحلام" الصادمة، ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، بل امتد لتعمدها نشر الشائعات المغلوطة عن زوجة ابنه البكري وتلطيخ سمعتها بالأكاذيب لتفسد ما بينهما.
أحس "راشد" بالحرج الشديد من توبيخ شقيقه إليه رغم استخدامه للغةٍ مهذبة في إيصال ما يريد قوله مباشرةً ودون تجميل. أحنى رأسه معتذرًا إليه، وهو بالكاد يكبت غضبه المستعر في دواخله:
-أني محجوجلك يا خوي، والغلط راكبني من ساسي لراسي.
تطلع إليه "زكريا" مليًا، فوجده ينهض من جلسته هاتفًا بما يشبه الوعد:
-وبتي هعرف كيف أكسر ضلعها الأعوج ده.
رد عليه بهدوءٍ:
-إنت حُر معاها ياخوي، وأني ناطرك في المضيفة بعد الضهر.
قال دون أن يلتفت إليه ومتجهًا نحو باب المسجد:
-إن شاء الله.
.......................................................
لم تعتقدًا يومًا أنها ستدفع ثمن حقدها غاليًا، حيث تفاجأت "أحلام" وقتما بلغت بوابة القصر بقيام الخفراء بحظر دخولها ومنعها تمامًا من الولوج، لتصول وتجول وتصيح في احتجاجٍ غاضب للغاية:
-كنك اتخبلت في مخك يا واد الفرطوس، مين دي اللي عتجولها تمشي من إهنه؟
رد عليها "بدوي" ببرود استفزها على الأخير وهو يسد عليها طريق الدخول:
-أوامر ست الحاجة.
تدلى فكها للأسفل هاتفة في دهشة عظيمة:
-مَرَت عمي!!!
أكد لها صحة ما سمعت بنفس الأسلوب الجاف غير المهتم بشأنها:
-إيوه، جالت لو جت الست "أحلام" نردها لدارها.
صاحت مستنكرة بعنفٍ، وكل ما فيها ينتفض في غلٍ:
-استحالة مَرَت عمي تجول إكده، أني خابراها زين، ده بتستنى جيتي.
قابل عصبيتها بنفس البرود:
-دي الأوامر الجديدة.
احتجت عليه رافضة طاعته:
-أوامرك دي ما تسريش عليا....
لتدفعه من كتفه بغلظةٍ وهي تلقي عليه بأمرها المصحوب بالتهديد:
-بعد عن طريجي بدل ما أطربج الدنيا فوج راسك.
تفاجأت به يشهر بندقيته في وجهها هادرًا بغير تساهلٍ:
-مشي يا ست بدل ما أفرغ الطبنجة في جتتك.
لتلطم "نعمة" من ورائها هاتفة في ذعرٍ:
-باه! باه! هي حصلت لإكده؟
فيما صاحت "أحلام" في غضبٍ جم وعيناها تبرزان على الأخير:
-نهار أهلك مطين بطين؟ إنت بتجول إيه؟ مين دي يا واد الـ...... اللي عتجولها إكده؟
أزاح زر الأمان عن بندقيته ليبدو متأهبًا للضغط على الزناد وهو يواصل الكلام إليها:
-ستي الحاجة جالتي أعمل إكده لو ماشتيش.
حلت عليها دهشة أعظم وهي تكاد لا تصدق ما تسمعه، انتفخت أوداجها، وصاحت في حنقٍ:
-بجى إكده؟ ماشي يا مَرَت عمي، مش هفوت اللي حصل يمر إكده واصل!
حينما استدارت للخلف استعدادًا للمغادرة تفاجأت بوجود والدها، فظنت أنه جاء كعهده ككل صباح لقضاء أعماله مع عمها، هرعت في خطاها ناحيته تشتكي إليه بانفعالٍ وحدة:
-بوي، إلحق يا بوي، المخبول ده عيجول إني ماهخشش إهنه.
إلا أن يده سبقتها وامتدت لتهوي على صدغها وتصفعها بقساوة وقوة، قبل أن يأتيها صوته الهادر يلومها:
-جبتلنا العار يا بت الكـــلب!
أطاحت بها صفعته فمالت للجانب من إثر قوتها، بل إنها كادت تفقد اتزانها معها، استفاقت من صدمتها المدهوشة مستشعرة ذلك الوميض القوي الذي سطع في رأسها، لتعتدل متمتمة في غير تصديقٍ:
-بــــــوي ........................................... !!!


تعليقات