رواية ممنوع من الحب الفصل الخامس 5 بقلم منال كريم


 رواية ممنوع من الحب الفصل الخامس 

صاحت بصوت عالي وهي تقول:

_ أنت مجنون ،أنت بتقول ايه؟ أبعد عني لو سمحت. 

برده فعل غريبة و كانه ليس هذا الشخص الذي كان يهدد منذ قليل ، أبتعد عنها وهو يردف:

_أنا آسف. 

وتحرك من أمامها ليعود إلى البار مرة أخرى، مجرد أنا اختفى من أمامها، جاء محمد و هو يصيح:

_سارة.

مسحت جبينها بتوتر  و أجابت  

_ نعم. 

قطع الخطوات بينهم وهو يسأل :

_بتعملي ايه هنا؟

لفت زراعيها على ذراع اخيها وهي تخبره:

_ مفيش خرجت شويه بعيد عن الدوشه ،أنا زهقت قوي يا محمد وعايزه أمشي.

اخذ نفسا وقال:

_ وانا كمان طب يلا اخد شهد و نمشي احنا. 

تهللت ملامحها بحماس، وغادرت سارة مع محمد وشهد الى المنزل،و أصر  محمد أن تجلس في شقته حتي يعود والديه من الخارج. 

استعاره ثياب من شهد حتى تاخذ 
حمام، و هرولت إلى الصلاة ، و هي تحاول نسيان الحديث الذي قاله هذا المختل. 
//////////////

في مكان الزفاف

يبحث رامي (صديق أدهم وخطيب مريم) وعماد على أدهم.

عماد بنفاذ الصبر :

_أنا متاكد أنه في البار هنا هيكون فين يعني هو يقدر يبعد عن الشرب. 

رمقه نظرة غاضبة وقال:

_ بص محدش يقدر ينكر أن أدهم حياته غلط ،بس أنت كمان طريقتك دايما  غلط ،بلاش تنسى أنه أخوك الكبير ،وخليك تواجهه بطريقه صح مش كده يا عماد.

قرر عدم الإجابة و أكمل بحث عليه، نظر إلى  البار واشار بيده بابتسامه سخريه و نطق :

اهو زي ما قولت  دكتور الجامعة قاعد يس،كر،مش عارف اللي زي ده، سافر لندن ازاي ولا ازاي أي جامعة تقبل  تشغل واحد زيه.

زفر رامي  بعصبيه وذهب الى أدهم ، وضع يده على كتفه و تحدث بنبرة هادئة:

_ أدهم كفايه كده تعالى يلا  نمشي سوا. 

ادار وجهه له، و أفصح بنبرة حزينة:

_ رامي أنا تعبان قوي. 

مال  بجسده، و سنده وهو يقول :

_يلا نرجع البيت 

تحرك أدهم مع رامي وعماد... 
/////////
وصل المنزل و هو   يستند على عماد و رامي،وضعه على الفرش و قال رامي:

_ أنا أعمل كوبية  قهوه عشان يفوق. 

وغادر رامي الغرفه أما هو  اتكأ على الفراش،تدبر ملامح وجهه اخيه بنظرات كراهية و غيرة، و طحن أسنانه  غضبًا عندما يتذكر أن أدهم يملك كل شيء أما هو لا، و صرح:

_ اللي هقوله ده أول مره اقوله، يمكن لو كنت صاحي  كنت عمري ما اعترف بيه،  أنا بكرهك يا أدهم ، و عمري ما كرهت حد قد ما كرهتك، طول عمرك أنت الكل في الكل،  و المحبوب رغم أنك كل أفعالك غلط من و احنا أطفال أمي بتحبك أكتر  مني، بابا كان يحبني أكتر منك، لاني دايما هادي وأنت مشاغب، بس كان حظك أن اللي راح هو اللي شايف أنك ولد عاق، بابا  مات و سبني مع أم كل حياته أنت، يا ريت كانت هي اللي ماتت، من صغري و أنا أذكر و أتعب اول باول، و أنت مقضيها لعب، و في الاخر تجيب أنت مجموع عالي، أنا عمري ما عملت مشاكل و أنت مشاكلك مش بتخلص و الاخر ماما تحبك أنت،تصرفاتك كلها غلط شرب خ،مر و ز،نا و كلك عيوب و أمك مش شايفة غيرك، رفضت أني أسافر برة لكان وافقت ليك أنت،أنا عملت كل حاجه علشانها اتجوزت اللي هي اختارتها و عشت معها في نفس البيت زي ما طلبت ، و حتي أسم ابني حرمتني أنا و مراتي نسميه و أخترت هي يكون بنفس أسمك، و علشان خاطرها قبلت أبني يكون على أسم أكتر شخص بكره في حياتي، و الشخص اللي خد كل حاجة و عمل اللي بمزاجه و مع ذلك محبوب، أنا مش مثالي و لا عايز أكون مثالي ، أنا بقيت مثالي علشان ماما تحبني ربع حبك، و في الاخر هي مش شايفة غيرك.

لم يكن أدهم نائماً بل تظاهر بذلك لأنه على يقين بمشاعر عماد، حتي رامي أنهى تحضير القهوة لكن ظل واقفاً على الباب يسمع بصدمة و ذهول.

تلالات الدموع في عيناه و هو يفصح:

_ أنا مكنتش عايزة أكرهك ،أنت أخويا الكبير ،كل ده بسبب التفرقة في المعاملة بيني و بينك من ماما،أنا آسف يا أدهم ليك، أنا حاولت على فكرة أحبك بس كل مرة اشوف معاملة أمك ليك ارجع أكرهك أكتر ..

نهض من مقعده وانحنى و طبع  قبله على جبين أدهم وفي هذا الوقت ولج  رامي إلى الغرفة  وكانه لم يسمع شيء سأل :

_هو نام ولا ايه؟

نظر الى الامام وهو يزيل  دموعه وقال بصوت حزين ايوه، أنا لازم امشي.

و فر عماد هاربا قبل أن يسمع أجابه رامي. 

مجرد أن أستمع الى الباب، اعتدال  في جلسته، سأل رامي :

_سمعت كلامه؟

حرك راسه بالايجاب تنهد ثم قال:

_أنا مكنتش متوقع أن عماد بيكرهني كده ،أنا كنت عارف أنه زعلان مني، بس مش لدرجة دي، أنا زعلان من نفسي.

مد يده بكوب القهوه ثم جلس أمامه، و هو يردف:

_ الصراحه  طنط غلطانه فرق المعامله بينكم واضح للجميع أنه بتحبك أكتر. 

اخذ نفساً مطولاً و  أفصح :

_ بس انا لازم اتصرف المشكله دي.
///////////////
قبل الفجر 

ما أجمل هذا الوقت سكون الليل مع التواشيح و التجلي والتضرع الى الله، فهنيئا لمن يصلي صلاة الفجر حاضراً و يلبي  نداء الله،صلاة الفجر وصال  بين العبد وربه، هنا ملجأ الجميع، عاصي يطلب التوب من التواب الرحيم، عبد يقصد باب الكريم يطمع في كرمه، دقائق تنعم بها البشرية بسكون و هدوء و طمأنينة و صفاء النفس و تجديد الروح...

 

تقف بين يدي  الله، كلما وجدت أنها خائفه او محتارة في أمر،تذهب الى الملجا الوحيد لها،ترفع يديها وهي تدعو نفس الدعوات المحافظة عليها:

_ يا رب ثبتني على طاعتك اللهم أسألك حسن الخاتمه يا رب لا تعلق قلبي الا بك، ولا تجعل الدنيا آخر همي، واغفر لي ذنوبي، أنا معترفة بذنبي اني لم اغض البصر،سامحني يارب كانت  غلطة مني.

و ذرفت دموعها حزناً من نفسها على افترقا هذا الذنب و تأمل ملامح أدهم، و تلؤم نفسها أنها اعتذارات له و هي ترى أنها لم تخطا و الآن تجرأ و تتطاول عليها و تظن أنها المذنبة في ذلك...
//////////////
أما هو بعد مغادرة رامي و تذكر حديثه معها، سخط على نفسه و هو يلؤم و يعنف نفسه:

_ أنا غبي ازاي أقول و أعمل كده ، أكيد تكرهني دلوقتي.

خبط على دماغه بغضب و هو يقول:
_ كانت دماغي فين و أنا بعمل كده؟

و قرر في الصباح أن يعتذر منها، بينما هي قررت عدم التعامل معه نهائياً حتي في حدود الدكتور و الطالب ، سوف تتوقف عن حضور محاضرته.

///////////////
في قاعة المحاضرات 

يبحث في وجوه الجميع عنها، رأى مريم و نور لكن لم يراها هي، أين ذهبت؟ هل لم تحضر اليوم بسبب ما حدث أمس؟ سوف يصاب بالجنون و لم يستطع التركيز، قاطع تفكيره طالبة تقول:

_ دكتور أدهم حضرتك مش معنا خالص ،في حاجة ؟

انتبه لها و قال بهدوء:

_ أنا آسف يا شباب، بعتذر عن محاضرة النهاردة لاني تعبان شوية.

و غادر القاعة سريعاً و هو  يبحث عنها, ذهب إلى الكافتيريا، تهللت اساريره عند رؤيتها جالسة و ترتشف من كوب القهوة ،و أتضح له إنها عاشقة القهوة،سار في اتجاهها،كانت روحه كالطير الحبيس،تضطرب بين جدران قلبه، و تحررت روحه عند رؤيتها.

وصل إليها و اتكأ بذراعيه على الطاولة، و انحني بجسده و سأل بنبرة حادة:

_ خير يا آنسه مش المفروض في محاضرة دلوقتي.

لم ترفع عيناها ،لم تكرر الخطأ مرة أخرى ، نهضت و غادرت الطاولة بصمت، تطلع عليها بعصبية،و قبل أن يصيح عليها تذكر أن هذا سوف يلحق الضرر بها، لذا غادر بصمت هو الآخر..

ذهبت الى نور و مريم بغضب، و نظرت إلى مريم و قالت:

_ بقولك يا مريم قولي لابن خالتك يبعد عني كده عيب اوي.

فغرت فاها دهشتاً و هي تسأل:

ـ ليه هو عمل ايه؟

روت لهن ما حدث في الزفاف و ما حدث الآن.

جلست نور على الدرج و هي تحاورها  بعقل و رزينة:

_ أنتِ قولتي تعبانة و مش عايزة أحضر المحاضرة النهاردة ، بس يا سارة مينفعش متحضريش المحاضرات.

جلست بجوارها،ألقت برأسها على كتفها و هي تمهس بحزن:

- أنا خائفة يا نور.

جلست مريم بجانبها و سألت بعدم فهم:

_ خائفة من ايه؟

لعقت شفتيها بتوتر و أخذت نفس مطولاً و قالت:

_كنت قاعدة في المكتبة و في جزئية مش فاهمها  ،برفع عيني كان دكتور أدهم موجود ، قومت و طلبت منه الشرح، و بدا يشرح و فجأة لقت دموعه نزلت على الكتاب ،رفعت عيني و بساله عن السبب..

و أغلقت عيناها مشمئزة من نفسها و هي تقول:

_ استغفر الله العظيم ، سرحت و أنا ببص عليه.

نكزتها مريم في كتفها و ردت مازحاً:

_ يعني خدتي بالك من عيونه الرمادي الجميلة.

رمقتها نظرة غاضبة، بينما تحدثت نور بهدوء:

_ مريم الموضوع مش هزار و سارة غلطت و ارتكبت ذنب، بس الحل مش عدم حضور المحاضرات ، مريم تكلمه و أنتِ ملكيش دعوة بخالص.

أجابت بهدوء:

_ حاضر أتكلم معه، و بعدين يا نور سارة  ملهاش دعوة بيها في الأساس و لو عمرها كلمته أو كلمت غيره.

أخذت نفس عميق دون إجابة ، و تشعر بمشاعر مخفية، تخشي من القادم، لماذا هذا يتجرأ على الحديث معها بهذا الشكل؟
هي لم تتذكر أنها أعطت مساحة له لفعل ذلك، 
و جملة مريم دقت انذار الخطر لديها ، لأنها منذ نظرت له و هي لم تنسي  عيونه، بل و تحدث عقلها ذات مرة، أنه يمتلك عيون جميله، ماذا يحدث معها؟

كل هذه الأسئلة تسألها لنفسها بصمت و حرب باردة داخل عقلها...

///////////////
في المساء

في منزل أدهم.

يدق الباب بقوة، نهض بانزعاج، و هو يعبث في خصلات شعره المتمردة مثله، فتح الباب، صرخت بصوت عالي و تغمض عيناها، بينما هتف سامي:

_يخربيتك ، يا ابني أستر نفسك.

زفر بضيق و ولج إلى الداخل و سال بعصبية:

_ انتوا عايزين ايه مني ؟

صاحت بغضب:

ـ البس قميص و تعال نتكلم.

دلف إلى الغرفة و ثواني و عاد، و سأل :

_ عايزة ايه؟

وقفت أمامه و سألت بهدوء:

_ أدهم أنت عايز ايه من سارة؟

لم يكن السؤال  بسيط، أو ذكر إسمها الذي بات يعشقه و يرددها دائماً أمر هين عليه،إدار لهم ظهره، و غمرها العرق، و كأنه غريق لا يستطيع التنفس، دق قلبه بشدة، و مشاعره كانت كبحر هائج ، يتلاطم بين أمواج الحيرة، هو عالق في نفق مظلم ، ماذا يفعل فهذه المشكلة؟

طال صمته، شعر سامي بالشك،تجمدت الدماء في عروقه لمجرد التفكير في هذا الأمر ،و أما عن مريم،تعتصر يدها من التوتر، شعرت بالجليد يسري في عروقها من الخوف، و همست بنبرة مرتعشة:

أدهم.

التفت لهم و عيناه ممتلئة بالدموع، و تصرخ عشقاً، و شفتيه ترتعش بضياع، الآن رؤيته بهذا المظهر أوضحت الامر، لكن ياليت يعترف الآن أن هذا ليس حقيقة, نطق بصعوبة بالغة بعدما وضع يده اليسرى على قلبه:

_ قلبي كل ما يشوف سارة يدق جامد، أنا بفكر ازور دكتور قلب لأن اكيد ده السبب أني مريض و مفيش سبب تاني.

ثم أشار إلى عيناه التي حررت الدموع العالقة، و نطق حروف ثقيلة و متعبة على الروح قبل اللسان:

_ عيوني  ديما مشتاقة تشوف سارة، دماغي ديما  تفكر فيها ،بليل و النهار و أنا صاحي أو  نايم صورتها قدمي ، حببت الجامعة و المحاضرات علشان اشوفها، مش أنتِ شوفتي حالتي النهاردة كانت عاملة ازاي، علشان هي مش موجوده، بس اكيد كل ده لاني مريض، أو لأنها غريبة شوية أو غريبة كتير عن كل البنات اللي اعرفها في حياتي.

بعد هذا الاعتراف الصريح، مازالوا ينتظرون منه جملة أن هذه مزحة أو دعابة، هذا لم يحدث كيف يحدث من الأساس؟هذه العلاقة محكوم عليه بالفناء.

حرك رأسه بالإيجاب و أخذ نفسا عميقا و دموعه تنهمر بغزارة و صرح يوضح:

_ أيوة أنا بحب، بحب سارة، بحب بنت مسلمة.

خبط سامي  على رأسه بايده، بينما مريم شقهت بصدمة و هي تردد: 
_ يادي المصيبة بتحب مسلمة.

أبتسم بخبث عماد الذي يقف على باب الشقة، و سمع الحديث، و الآن وجد طريق الانتقام من اخيه، سوف يشتغل فضحية كبيرة، دكتور جامعي مسيحي يعشق طالبة مسلمة.

تعليقات