رواية غوثي الفصل التاسع بقلم اسماء علي
_ يا سواد السواد يا أبا رشدي!
كنت نازله أعمل الفطار لِ مؤمن، ومش شايفه قدامي خالص، كنت ماشيه فاتحه عين ونص. "مؤمن مقومني بالتهديد".
دخلت المطبخ وعملت فطار سريع كده عشان مكنتش قادرة أتحرك، كنت حاسه إني عضمي كله متكسر،
خلصت وخرجت من المطبخ عشان أنادي لِ سي مؤمن،
بس وأنا ماشيه، وخير اللهم إجعله خير..
إتقعبلت..
وأنا بحاول أمسك في أي حاجه عشان مأقعش،
سندت علي ترابيزة محطوط عليها فازة باين عليها غاليه،
وأنا بعدل نفسي عشان أقف، حركت إيدي لورا من غيري قصدي، ووقعت الفازة..
اللِ في ثواني، راحت مليون حته.
فتحت عيني بصدمه، وإتعدلت بسرعه وکأن أفعيٰ لدغتني،
حطيت إيدي بصدمه علي بوقي، لما شوفتها علي الأرض.
_ مريم.
لفيت ناحيه الصوت بسرعه،
كان صوت مؤمن، بس لسه منزلش.
جريت أجيب المكنسه والجاروف عشان ألم بواقي الكارثه اللِ هببتها دي.
_ مؤمن هيطلقني في يوم بسبب كوارث اللِ خلفوني دي والله.
قلتها بحسرة وأنا بلم قطع الفازة من علي الأرض.
سمعت صوت مؤمن وهو نازل علي السلم،
لميت الباقي بسرعه وأنا ببص علي السلم برُعب،
ودخلت جري علي المطبخ، حطيت الفازة في كيس أسود، وحدفتها في سلة الزباله.
وخرجت من المطبخ بهدوء، وکأن محصلش حاجه.
بس إتقدمت بخطوات سريعه ووقفت قدام الترابيزة اللِ كانت عليها الفازة، عشان مؤمن ميخدش باله.
أكيد عارف كل حته في بيته، ومش هيجي علي دي وينسهاها يعني.
_ واقفه كده ليه يا غزالتي؟
بصتله بتوتر، وقلت بإبتسامه مرتعشه:
_ كنت.. كنت مستنياك.
ضيق عينه بإستغراب، وقرب مني بهدوء، وقال:
_ مش مرتاحلك.
رفعت عيني بترقب، من غير ما أرد،
ضحك بصوت عالي، وهو بيحاوط كتفي، وقال:
_ يبقي عملتي مصيبة.
بلعت ريقي بتوتر كبير، وأنا بوزع نظري قدامي،
بصيلي مؤمن بطرف عينه، رفعت نظري لِ مؤمن ومكنتش أعرف أنه بيبصلي،
نزلت نظري بسرعه، وعملت نفسي مش واخده بالي.
_ عملتي إيه يا غزاله؟
وقفت ووفتحت عيني بصدمه مزيفه وأنا ببصله، وقلت وأنا بشاور علي نفسي:
_ أنا؟؟
بادلني نفس نظرة الصدمه، وقال:
_ أومال أنا.
وقرب مني، وهو بيحاوطني من خصري، وعينه كانت مقابل عيني، وقال بنبرة هادية:
_ عملتي إيه؟
بلعت ريقي بصعوبه وأنا ببصله، وحركت نظري علي الترابيزة بهدوء، ورجعت نظري لِ مؤمن تاني.
ضيق عينه بسخريه، وحرك نظره مكان ما أنا بصيت،
رفعت عيني له بترقب.
ملامحه كانت هاديه، وکأنه لسه مستوعبش اللِ حصل،
بس هدوء وثبوته دام كتير وهو بيبص للترابيزة.
أنا قلقت وحاولت أستغل الفرصة وأبعد، عشان ما أتفرمش.
شدد مؤمن من مسكته، وبصيلي ببرود مع نظرات مخيفه.
رفعت سبابتي قدام وشي، وأنا بحاول أبرر موقفي، وقلت:
_ طب أنا لو قولتك إن اللِ حصل ده من غير قصدي هتصدقني؟
هز رأسه بهدوء، وکأنه بيقول " أيوة، أيوة".
_ والله يا مؤمن من غير قصدي.
مسح وشه بإيدة، وقال:
_ تحبي أعمل فيكِ إيه دلوقتي؟
وزعت نظري بتوتر علي الأرض، ضغط بإيده علي وسطي، وقال:
_ هاا؟
بصتله وانا بنفخ بضيق، وقلت بصوت عالي:
_ وقعت من غير قصدي، أعملها إيه طيب؟!
بصيلي بتحذير وقال:
_ صوتك.
_ حاضر.
_ أهم حاجه إنك متأذتيش.
هزيت رأسي بمعني "لا".
قرب مني، وطبع قبلة علي خدي دامت لِ ثواني،
غمضت عيني وأنا بتنفس بتوتر.
فتحت عيني لما قال جنب ودني بحنان:
_ فداكِ أي حاجه يا غزالتي.
رفعت إيدي بدون وعي وحاوطت رقبته وأنا بحضنه." من فرحتي أنه مقتلنيش".
فقت لما حسيت بمؤمن بيحضني وبيرفعني من علي الأرض.
_ عملتي فطار؟
هزيت رأسي بإيجاب وأنا لسه في حضنه، وقلت:
_ أيوة.
_ طب أنا جعان.
إتنفست بتوتر، وحاولت أبعد وأنا بقول:
_ حاضر هجيب الفطار.
وكملت وقلت:
_ بس ممكن تسيبني؟
_ تؤ.
_ أيوة هجيب الفطار أنا إزاي؟
فجأه شلني، وقال وهو بيتحرك ناحيه المطبخ:
_ هنجيبه سوا.
دخلنا المطبخ، وفطارنا هناك،
وراح مؤمن الشركه من غيري.
"هو ألح عليا أروح معاه بس أنا رفضت طبعا.. كده وكده يعني."
كنت طول النهار قاعده لوحدي،
فكرت أستغل الوقت الفاضي وأعمل أي حاجه بما إني لوحدي، كنت خايفه من المكان لإني مش متعوده عليه، بس اللِ مطمني إن البيت فيه كاميرات وهي مع مؤمن علي التلفون، يعني لو حصل أي حاجه هتلاقيه عني.
بس ده خوف طيبعي من رهبه المكان الجديد مش أكتر.
بدأت أرتب البيت، اللِ هو مترتب لوحده،
ودخلت أوضتنا أنا ومؤمن عدلت السرير، وشلت هدوم مؤمن اللِ كان حاططها علي الكنبة بنظام.
مؤمن إنسان منظم جدا ومبيحبش الفوضي إطلاقاً، الأوضه دايما بلاقيها منظمه بعد ما يكون فيها،
ومكتبه مترتب بطريقه جميلة وأنيقه، والبيت متصمم بإسلوب دقيق ومميز.
خلصت وطلعت من الأوضه،
ورحت أوضه التمرين، بدأت ألعب هناك شويه بملل، وقررت أشيل حديد.. وياريتني ماشلت.
وقعت علي رجلي، قعدت علي الأرض وبدأت أفركها بإيدي عشان الوجع يخف، قمت بعد ما لقيتني قادرة أتحرك عليها من غير أي وجع.
طلعت ونزلت المطبخ، عملت أيس كوفي، وطلعت المكتبه.
كان موجود علي المكتب هناك كتاب شِعر، مسكته وقعدت أقرأ فيه.
مؤمن بيحب الشعر العربي زي بضبط، وأغلب الكُتب اللِ هنا كتب دواوين وشعر، وكُتب دينيه، وفيه كتير من الكُتب الثقافيه والعلميه.
وزي أي بنوته طلعت تلفوني وبدأت أوثق اللحظات،
وبَدت الصورة تُحفه حقيقي.
قُمت بزهق، ومع إني رجلي كان فيها وجع بسيط إتجاهلته،
ونزلت المطبخ غسلت المَج وحطيته مكانه.
وقررت أطلع الجنينه أتمشي شويه، وبعدين أدخل أعمل العشا.
وقفت في الجنينه بين الخضرا والشجر والورد، وقررت أصور المناظر المريحه للعين دي.
قعدت علي كرسي حوالين النافورة، وفتحت التلفون، ودخلت علي الواتس ونزلت إستيت من الصور اللِ صورتها.
معداش حوالي خمس دقايق، لقيت مؤمن باعتلي:
_ مسا مسا علي الناس الرايقه.
ضحكت وكتبت:
_ مسا مسا يا صاحبي.
_ غزالتي بتعمل إيه؟
_ قاعدة.
_ طب ما تجربي تمشي إيه اللِ مقعدك.
_ رجلي بتوجعني.
_ من إيه؟؟؟
_ مش عارفه، بس يمكن من الصُبح لما إتقعبلت.
الكلام ده اللِ جه في بالي، مرضتش أقوله إن الحديدة وقعت علي رجلي.
رد في نفس الدقيقه، وقال:
_ طب ما تضغطيش عليها، ومتتحركيش كتير خليكِ مرتاحه.
_ حاضر، حاضر.
_ مريم!
حاسيته قالها بتحذير.
_ نعم!
_ إسمعي الكلام.
عضيت لساني بتوتر، وقلت:
_ حاضر.
بريحه،
أكيد طبعا انا مش هقعد، أنا لسه هعمل العشا.
قفلت التلفون وقمت، وأنا بتجاهل الوجع.
عملت الأكل، والمغرب آذن.
ومؤمن لسه مجاش، دخلت صليت، وقعدت علي الكنبه اللِ في الصالون بتعب.
ومحتش بنفسي غير و..
_ غزالتي.
حركت رأسي بإنزعاج من الصوت،
حسيت بإيدي بتتحرك علي وشي بحنان، وصوت مؤمن وهو بيقول:
_ مريومه.
فتحت عيني بكسل، رفع مؤمن حواجبه ليا بمرح وهو بيبتسم،
إبتسمت وأنا بغمض عيوني بنوم.
فتحت عيني بعد ما إعتدت الإضاءة،
وحاولت أقعد إلا إني حسيت بوجع كبير في رجلي،
كرمشت وشي بألم بدون ما أصدر أي صوت، عشان مؤمن ميحسش.
سَرة قشعريرة في جسمي لما مؤمن حط إيدي علي خدي، وهو بيقول:
_ مالك يا مريومه؟
هزيت رأسي بألم، وقلت:
_ مليش.
قام وقف، وقال وهو بيمد إيده ليا:
_ طب تعالي نطلع ننام فوق.
بصيت لإيدة ول رجلي، وبلعت ريقي بتوتر،
مسكت إيده وحاولت أقوم، بس أنا مش قادرة أضغط علي رجلي.
قعد مؤمن علي رجله قصادي، وبصيلي وهو بيقول:
_ مريم في حاجه بتوجعك؟
بصيتله بألم، وقلت بدموع:
_ رجلي.
مسك رجلي بإيده، وقال:
_ رجلك ورامه.
وبصيل وقال بترقب:
_ إنتِ متأكده إن ده بسبب إنك إتقعبلتي بس..
رفعت عيني بتوتر، وهزيت رأسي بمعني "لا".
غمض عينه بضيق، وقال بغضب:
_ أومال من إيه؟
_ كنت بتمرن والحديدة وقعت علي رجلي.
_ ولسه جايه تقوليلي يا مريم.
قالها بصوت عالي وهو بيبصلي بشرار
هدأ شوية لما لقاني هعيط، وقال:
_ أكيد ما مشتيش عليها من ساعت ما قولتلك.
أنا بصتله جامد ومردتش،
أنا كنت خايفه أرد من ملامحه اللِ كلها غضب،
إتنفس بغضب، وقال:
_ مشيتي عليها يا مريم؟
هزيت رأسي بخوف، وأنا بحاول أبعد عنه.
مسح وشه بغضب، وقام مرة واحده وشالني.
طلع بيا الأوضه وحطاني علي السرير، ومسك موبايلة وطلع البلكونه.
وبعد دقايق طلع من البلكونه من غير ولا كلمه، وقلع جاكيت البدله وحدفها الكنبة بضيق.
وخرج من الأوضه.
أنا بصيت علي آثره بندم، وكنت هعيط بس لقيته داخل الأوضه.
قعد جانبي وحط جهاز غريب كده محطوط فيه ماية فاترة،
المياة كانت فاترة عشان ده اللِ حسيته لما حطيت رجلي فيها.
وبدأ مؤمن يدلكها براحه،
كل شويه كنت بحاول أشد رجلي من كتر الوجع، بس مؤمن كان بيبصلي بتحذير.
_ مؤمن رجلي بتوجعني.
قلتها بدموع غريزة وأنا بمسك إيده اللِ محطوطه علي رجلي،
إتنهد مؤمن وقام من مكانه، وقعد جانبي، ومسح دموعي وحضني بهدوء وهو بيقول:
_ إستحملي يا حبيبي، أنا إتصلت بالدكتورة وزمانها علي وصول.
أنا دفنت رأسي في كتفه، من غير ما أتكلم.
بعد ما عديٰ حوالي نص ساعه، صحاني مؤمن عشان الدكتورة جات.
كنت نمت من كتر الوجع في حضن مؤمن، اللِ زمان ضهره إنكسر بسبب قعدته.
جات الدكتورة وكشفت عليا، وقالت إنه ده بسبب الضغط عليها وإني إتجاهلت الوجع من الأول.
مؤمن قالي كده، لأنها كانت قاعده بتبرطم بالإنجليزي،
نزل مؤمن عشان يوصلها ويجيبلي العلاج،
أنا فضلت قاعده بفكر في اللِ حصل،
وإن الغلط راكبني من ساسي لِ رأسي.
وإن مؤمن هو اللِ بيتمرمط في آخر الحوار،
وبالرغم كل اللِ بعمله ما بيقدرش يزعلني ولا يقولي كلمه تجرحني.
_ لية بقي ما يبقاش عند اللِ خلفوني دم وأقدر؟
قلتها بزهق وضيق من نفس لنفسي.
_ لإنك مستهترة.
رفعت نظري لصاحب الصوت اللِ كان مؤمن، وقلت بندم:
_ أنا عارفه.
إتقدم مؤمن مني، وقعد جانبي، وقال:
_ مش عايزك تعرفي عايزك تعملي.
مسحت دموعي بكف إيدي، وقلت وأنا بهز رأسي:
_ حاضر.
مسك وشي بكفوفه وقال:
_ مريم إنتِ أنا واللِ بتحسي بيه أنا بحس بأضعافه، ف ياريت تحافظي علي نفسك وعليا.
غمضت عيني بهدوء، وقلت بدموع:
_ حاضر.
_ كفايا دموع يا غزالتي.
وحط مرهم علي رجلي، وبعدين دخل عشان يغير هدومه، وأنا حاولت أنام.. بس مش عارفه.
قمت قعدت علي السرير بزهق، خرج مؤمن من الحمام،
وبصيلي بإبتسامه، وقال:
_ إيه يا مريومه؟
_ مش عارفه أنام.
إتحرك مؤمن وطفيٰ النور.
ونام جانبي علي السرير، وهو بيقول:
_ تعالي يا ست مريومه.
إتحركت ناحيته، حضني بهدوء وهو بيدفن وشه في شعري.
_ نامي يا مريومه نامي يا حبيبتي.
قربت من ودنه بدون وعي، وقلت بعشق:
_ أنا بحبك أوي أوي يا مؤمن.
شدد مؤمن إحتضاني وقال:
_ وأنا بعشقك من زمان أوي اوي يا غزالتي.
