![]() |
رواية الورث الفصل الاول بقلم كوابيس الرعب
أنا نعيمة…
وبقولكوا من الأول:
في بيوت مهما كانت واسعة… الريّح فيها بيبقى ليه صوت، والليل ليه روح، والحيطان ليها ودان.
وبيت العيلة بتاع جوزي؟
كان واحد من البيوت دي.
كنت لسة ١٧ سنة لما حبني عبد الجواد ، انا ماكنش يهمني الحب ، كل اللي كان شاغل بالي الفلوس واني ابقي غنية واعيش العيشة اللي اتحرمت اني اعيشها في بيت اهلي بسبب الفقر ، واسكن في بيت واسع ويكون ليا اوضة خاصة بيا ، مش تسع اخوات نايمين علي بعض في متر فمتر .
القصر ـ زي ما أهل البلد كانوا بيسموه ـ كان واقف لوحده في آخر الغيط… مسنود على حيطان قديمة، وشبابيك شبه مقفولة طول الوقت، كأنها بتخبي حاجة جواها.
بس كان ايه حاجة ابهة كدة ، ايوة زي ما بقولكم ، قصر ولا قصر الملوك .
قدّامه شوية نخيل، وورا البيت ترعة صغيرة الميّة فيها دايمًا ماتتحركش… وده كان بيخلي المكان كأن الزمن واقف فيه.
بس مش مهم ، المهم العيشة جوة القصر شكلها ايه ، ياااه مهما اوصفلكم جماله .
كنت دخلته زمان مع امي لما كانت راحة تخدم مع كام واحدة من القرية لما ام عبد الجواد جوزها رجع من الحج وقررت تعمل ليلة لاهل القرية .
جوزي “عبدالجواد” كان الكبير من تلات إخوات:
عبدالجواد… سالم… وخيري.
التلاتة كانوا متربيين على العِز…
لكن اللي ماحدش يعرفه إن البيت ده عمره ما شاف راحة.
من يوم ما دخلته وأنا حاسة إن في حاجة غلط…
حاجة بتراقبني …
حاجة بتتنفّس.
رغم جمال البيت ، لكن كان في حاجة ناقصة .
طلبني حوزي واهله مفرقش معاهم فقري ولا انا بنت مين ، المهم عندهم سعادة ابنهم .
في أول ليلة ليا، كنت قاعدة مع حماتي “الحجة مبروكة”. ست كبيرة، وشها مليان تجاعيد، بس عينها… عينها كان فيها حاجة غريبة.
كانت تبصلي بطرف عين، وتبتسم ابتسامة باردة…
كأنها عارفة سر، ومش ناوية تقوله.
وأول ما دخل سالم وخيري القعدة… حسّيت بحاجة أغرب:
البيت كله بيهتز بخطواتهم.
مش خطوات رجالة…
ده كأن الأرض نفسها بترحب بيهم… أو بتحذرهم.
سالم قعد يضحك ويهزر، وخيري كان واقف ساكت، عينه عليّ من بعيد…
أما عبدالجواد، جوزي…
كان قاعد جمبي، ماسك إيدي…
بس إيده كانت بتعرق.
بتعرق جامد.
ساعتها بس حسّيت…
إن في حاجة هما عايشين معاها… ومخبيينها عني.
وفي آخر الليل…
وأنا طالعة أوضتي… سمعت صوت من ناحية المخزن القديم اللي في آخر الطرقة.
صوت حاجة بتخربش على الخشب…
كأن حد بيحاول يفتح الباب من جوا.
ولما سألت عبدالجواد الصبح قال:
"ما تدخليش المخزن يا نعيمة… إحنا مقفلينه من زمان."
بس اللي خلاني أتجمد… مش كلامه.
اللي جمّد الدم في عروقي…
إن حماتي، وهي واقفة ورايا، قالت بصوت واطي:
"المخزن بيفضل مقفول… ومحدش بيقرب منه ، مله كراكيب واكيد مليان حشرات وزواحف"
وبصتلي بصّة طويلة…
كأنها كانت حاسة باللي بيدور جوايا.
ومن الليلة دي…
بدأ كل شيء يتغيّر ..
