رواية جثة رجاء ( كاملة جميع الفصول) بقلم محمود الأمين

 

رواية جثة رجاء كامله جميع الفصول بقلم محمود الأمين 

لو سألت معظم الناس اللي حواليك: "إنتوا بتؤمنوا بالسحر ولا لا؟"  
الإجابة هتكون: "إيوة طبعًا، دي حاجة مذكورة في كل الأديان السماوية.. لكن الحمدلله إحنا مشفناش حاجة."  
دي هتكون إجابة البعض، والبعض التاني اللي هيبدأ يحكي عن مواقف حصلت معاه، وللأسف معظمها هتكون مختلقة ومن وحي الخيال.  
لكن لما تشوف بعينك وتعيش جوه الأحداث، الوضع وقتها بيكون مختلف خالص، خصوصًا لما الموضوع يتعلق بتحضير الأرواح.  

....  

حضرت شنطتي خلاص عشان أتنقل لبيتي الجديد اللي هيكون قريب من شغلي.. نزلت من بيتي وركبت عربيتي واتحركت على هناك.  
لما وصلت، لقيت عرفة الحارس واقف قدام البوابة، وأول ما شاف العربية قرب مني عشان ياخد الشنطة وهو بيُرحب بيا كعادته لما شافني أول مرة، وقاللي:  
_ "الست رجاء مستنية حضرتك عشان تسلمك البيت، وبعدها هتمشي."  
- "تمام يا عرفه."  

...  

دخلت من بوابة البيت للجنة اللي كانت غير مريحة بالنسبالي، ومش عارف السبب لحد دلوقتي؟!  
لحد ما وصلنا لباب الشقة اللي كان موارب، ووقتها دخل عرفه قدامي، ولقيت الشنطة بتقع من إيده وبيصرخ عشان شاف قدامه الست رجاء مشنوقة في النجفة.  
جرينا عليها، لكن للأسف.. الست رجاء كانت ماتت.  

...  
الجزء الاول 

بعد أقل من ساعة، كانت الشرطة وصلت ومعاهم عربية إسعاف عشان تنقل جثة الست رجاء للمشرحة، وطبعًا اخدوا أقوالنا أنا وعرفة الحارس، وحكينا اللي حصل.. ورجعت بيتي القديم لحد ما التحريات خلصت وتأكدوا إن الست رجاء ماتت منتحرة ومافيش أي شبهة جنائية في الموضوع.  
وقتها كان مسموح لي إنى أرجع تاني للبيت وأقدر أسكن فيه.  

طبعًا السؤال اللي هيجي على بالكم دلوقتي: "إنت رايح تسكن في بيت فيه واحدة انتحرت فيه، ومش خايف؟"  
في الحقيقة، أنا مش خايف، أصلاً أنا مش بعترف بموضوع الأرواح ده، ومؤمن جدًا إن الشخص بعد ما بيموت روحه بتصعد للسماء.  
لكن موضوع إن الروح تفضل معلقة بالمكان، بصراحة مش بقتنع بده.  

..  

رجعت تاني واتصلت بعرفة وطلبت منه يرجع شغله تاني، أصله قعد في البيت من يوم انتحار الست رجاء، وفعلاً رجع.. دخلت البيت وبدأت أتعامل عادي جدًا ولا كأن في حاجة حصلت.. وقبل ما أكمل، لازم أفهمكم إن دي مش شقة، دي فيلا لكن صغيرة وبتتكون من دورين.  

المهم، أنا طلعت الدور اللي فوق واخترت أوضة، والدنيا كانت ماشية تمام.. دخلت الأوضة عشان أرتاح شوية وأنام، وفعلاً دخلت السرير ونمت.  
بمجرد ما عيني بدأت تروح في النوم، سمعت صوت همس جاي من بعيد وبيقرب مني.. الصوت كان بيهمس باسمي:  
(ياااسر.. ياااسر.. اصحي يا ياااسر.)  
فتحت عينيا عشان أشوف مصدر الصوت ده جاي منين، وياريتني ما فتحت.. أنا لقيت في وشي الست رجاء كانت واقفة قدامي ولابسة الكفن الأبيض.. أستعذت بالله من الشيطان الرجيم، ودعكت عينيا كده وملقتش حاجة، قولت: "جايز يكون بيتهيألي."  

وبعدها قومت من السرير ودخلت الحمام، لكن في اللحظة دي أنا بدأت أشم ريحة وحشة جدًا أشبه بريحة عفن جاية من ناحية الحمام.. قربت وكل ما أقرب الريحة كانت بتزيد بشكل ملحوظ، لحد ما وصلت للبانيو.. رجعت لورا من اللي شوفته قدامي: منظر بشع.  
في البانيو كان في جثتين: جثة لطفل صغير وجثة راجل في الخمسينات.. الاتنين غرقانين في دم.  
كنت هستعيذ بالله، لكني افتكرت إنى واقف جوه الحمام.. اللي معداش دقيقة ولقيت بابه اترزع واتقفل ورايا.  
قلبي كان هيقف، رجعت قربت من الباب وحاولت أفتحه، لكني معرفتش.. الباب كان معسلج ومش عاوز يتفتح.  
رجعت تاني بصيت على البانيو اللي كان فاضي تمامًا ومفهوش حد.. حطيت إيدي على دماغي لإنى حسيت بصداع وتعب مش طبيعي، وحرفيًا كنت هقع من طولي.. سندت نفسي بالعافية، ووقتها لقيت باب الحمام بيتفتح بمنتهى السهولة ولوحده، وخرجت.  

بس لما خرجت، لقيت الست رجاء كانت قاعدة قدام المرايا بتسرح شعرها.. كنت واقف مرعوب ومش على بعضي بقدم رجل وباخر التانية، لحد ما بقيت واقف وراها.. وقتها شوفت وشها اللي كان متحلل والكفن الأبيض اللي لابسه على جسمها.  
وقتها محستش بنفسي غير وأنا بقع من طولي.  

فوقت على صوت أنا عارفه كويس، ده صوت عرفه اللي كان بيتكلم وبيقول:  
_ "مالك بس يا أستاذ ياسر، جرالك إيه؟"  

.....  

فتحت عينيا بصعوبة، لقيت عرفه جايب مية عشان يفوقني.. اتعدلت بصعوبة وقعدت، قبل ما يتكلم هو ويقول:  
_ "إنت كويس يا أستاذ ياسر؟"  
= "الحمد لله يا عرفه، أنا كويس."  
_ "حضرتك كنت قايلي إنك هتنزل شغلك الساعة 10، ولما لقيتك منزلتش قلقت عليك وطلعت أشوفك."  
= "فيك الخير يا عرفه.. إلا قولي، هي الست رجاء دي كانت بتشتغل إيه؟"  
_ "مكنتش بتشتغل يا أستاذ، دي كانت هانم من بتوع النوادي والخروجات."  
= "طيب ما تعرفش انتحرت ليه؟"  
_ "لا والله، العلم عند الله، بس هي كانت متعلقه بجوزها وابنها جدًا، ولما ماتوا في حادثة هي تعبت ومرجعتش زي الأول."  
= "هي جوزها وابنها ماتوا في حادثة؟"  
_ "إيوه، حادثة عربية."  
= "غريبة، أصلاً هي قالتلي كلام تاني خالص."  
_ "قالت لحضرتك إيه؟"  
= "يعني لما جيت أول مرة وقابلتها عشان نتكلم في موضوع إنى هشتري البيت وكده، قالت إنها عايشة لوحدها عشان جوزها وابنها سافروا بره، وإنها هتبيع البيت عشان تسافرلهم."  
_ "مش عارف، هو أنا أصلاً ما ليش كتير هنا، أنا كنت في إجازة ولما رجعت عرفت منها إن جوزها وابنها ماتوا في حادثة."  
= "طيب عموما، انزل إنت شوف شغلك، وأنا هدخل أخذ دش عشان أنزل شغلي."  
_ "هو عدم المؤاخذة بقى، حضرتك بتشتغل إيه؟"  
= "بشتغل في بنك يا عرفه."  

...  

نزل عرفه وأنا بفكر في كلامه اللي مختلف تمامًا عن كلام الست رجاء، ومعنى كده إن في احتمالين:  
الأول إن الست رجاء كذبت عليا في موضوع سفرهم، والله أعلم بالسبب.  
والتاني إن عرفه بيكدب ويعرف حاجة بس مخبيها لسبب الله أعلم بيه برده.  

دخلت الحمام المرة دي، أخذت دش ولبست وجهزت نفسي، وأخذت عربيتي عشان أتحرك على شغلي اللي بيبقى قريب أوي من بيتي الجديد.  
ووصلت البنك فعلاً، وزي كل يوم دخلت على مكتبي عشان أشوف شغلي.. في الوقت ده خبط باب المكتب ودخل منه نادر صاحبي، وقال:  
_ "إيوه يا عم الناس اللي اشترت بيوت جديدة!"  

= "آه، ما إنت لو تعرف اللي فيها مش هتقول كده."  

_ "إيه اللي فيها، هو إنت اشتريت شقة؟ ده إنت بسم الله ما شاء الله اشتريت فيلا!"  

= "هي فيلا بس شكلها مسكونة."  

_ "مسكونة؟!.. ده إزاي ده؟"  

= "والله ما عارف، أنا من ساعة ما سكنت فيها وبشوف حاجات مش مفهومة، ده غير الست صاحبة البيت اللي انتحرت دي أول ما وصلت."  

_ "شكلك محسود يا ياسر، في حد باصص في حياتك يا صاحبي."  

= "آه عندك حق.. بس إنت مش ملاحظ إنى من أول ما دخلت وإنت عمال تهلل: "جبت فيلا!" وما جبتش فيلا."  

_ "قصدك إيه؟ قصدك إنى أنا اللي باصص في حياتك؟"  

= "إنت اللي قلت، مش أنا."  

_ "تصدق يلا إنك عيل رخم، بقى أنا هبص في حياة أخويا؟"  

= "يا عم إنت قفشت ليه؟ أنا بهزر معاك."  

_ "لا ولا قفشت ولا حاجة، ما أنا عارف هزارك وعادي مش بزعل."  

...  

خرج نادر من المكتب قبل ما يرجع تاني ويسألني:  
_ "هو عنوان الفيلا دي فين يا ياسر؟"  

= "ورانا هنا بشارعين."  

_ "هي الست صاحبة البيت اللي ماتت اسمها إيه؟"  

= "اسمها رجاء يا سيدي، ليه؟"  

_ "يا نهار أسود، هو إنت سكنت في بيت المخبولة دي؟!"  

= "إيه ده؟ هو إنت تعرفها؟"  

_ "يعني اسمع كلام كده عنها إنها مخها ضرب من يوم ما جوزها وابنها ماتوا، بتقول إنهم ماتوا في حادثة."  

= "وإنت عرفت الكلام ده منين؟"  

_ "يا عم ده يوم ما طلع الخبر الدنيا كلها عرفت، وفي ناس في البنك هنا كانت بتتكلم، ده غير إن في ناس كانت بتقول إنها لما بتعدي قدام البيت بالليل بتسمع صوت صرخات خارجة منه، بس أنا مش قصدي أخوفك، أنا بقولك على اللي سمعته."  

= "لا اطمن يا أخويا، أنا مش بخاف غير من اللي خلقني، وبعدين هخاف من إيه؟ ما عفريت إلا بني آدم."  

_ "طيب أنا هرجع على مكتبي وبعدين نبقى نكمل كلامنا."  

...  

خرج نادر المرة دي من مكتبي ورجع على مكتبه، وأنا بفكر في كلامه، وبسأل نفسي:  
"هو البيت فعلاً ممكن يكون مسكون؟ ولا اللي بيحصل ده بسبب إن الست انتحرت فيه؟  
طيب لو فعلاً جوزها وابنها ماتوا في حادثة، ليه قالتلي إنهم سافروا بره؟  
في لغز في الموضوع ده، ولازم أعرفه."
... 
خلصت شغل في اليوم ده ورجعت على البيت، عرفه كان قاعد قدام البوابه، وأول ما شافني رجعت، قرب مني وقال:  
_ حضرتك كويس دلوقتي؟  

= اه، أنا كويس دلوقتي يا عرفه، فيك الخير انك سألت.  
...  
وانا واقف مع عرفه، لمحت.. يتبع الجزء الثاني 
.... 

تعليقات